ثلاثة أسباب تَكمُن خلف تعثّر الجولة الأخيرة من المُفاوضات بين حركة طالبان والولايات المتحدة.. ما هي؟
انتهت الجولة الـ 18 من المُفاوضات بين حركة طالبان والولايات المتحدة التي انعقدت في الدوحة اليوم دون صدور أيّ بيان ختامي مُشترك يؤكّد التوصّل إلى اتّفاق، واكتفى زلماي خليل زاد، المبعوث الأمريكي إلى أفغانستان بالحديث عن التوصّل إلى مشروعِ اتّفاقٍ، وتحقيق تقدّمٍ مُشجّع.
التّسريبات حول هذا “التقدّم المُشجّع” وبُنوده، ما زالت محدودةً، والنّقطة الأبرز هي تلك التي تتحدّث عن انسحابٍ أمريكيٍّ تدريجيٍّ على مدى 18 شهرًا، يُؤدّي في النّهاية إلى عودة 14 ألف جندي إلى الولايات المتحدة تطبيقًا لسِياسة الرئيس دونالد ترامب.
حركة طالبان لم تُقدّم حتى الآن التّنازلات التي تُطالب بها الولايات المتحدة، وتتلخّص في وقفٍ كاملٍ لإطلاق النّار، والدخول في مُفاوضاتٍ مع حُكومة أشرف غني في كابول، وتقديم ضِمانات مُلزمة بعدم السّماح بتحويل أفغانستان إلى منصّةٍ للتّنظيمات المُتشدّدة مثل “القاعدة” و”الدولة الإسلاميّة” (داعش) تستهدف الأراضي الأمريكيّة.
عدم وجود نص صريح بإجراء مُفاوضات بين حركة طالبان وحكومة أشرف غني في كابول، يعني أنّ الولايات المتحدة تخلّت عن الأخيرة، وربّما وافقت على الشّرط الطالباني الأهم، وهو عودة إمارة أفغانستان الإسلاميّة التي أسّستها الطالبان وتم الإطاحة بها أثناء الغزو الأمريكي في تشرين الأول (أكتوبر) عام 2001، أيّ بعد هجَمات الحادي عشر من أيلول (سبتمبر).
تَغيُّب جون بولتون، مُستشار الأمن القومي الأمريكي عن المِلف الأفغاني، واستبعاده من الاجتماع الذي انعقد في مُنتجع ترامب في ولاية نيوجيرسي، بحُضور كُل من وزراء الخارجيّة والدفاع، ونائب الرئيس ومديرة وكالة المُخابرات الأمريكيّة (سي آي إيه) برئاسة ترامب، عكَسَ مدى ضُعف الإدارة الأمريكيّة في المِلف الأفغاني، واستعداد هذه الإدارة بالانسحاب بأيّ ثمن، لأنّ بولتون كان يُعارض بشدّةٍ سحب القوّات الأمريكيّة.
لا نعتقد أنّ حركة طالبان سترضخ للمطالب الأمريكيّة كاملةً، وأبرزها التفاوض مع حُكومة غني، كما أنّها لن تُقامر بالتصدّي للجماعات المسلّحة التي تستخدم أفغانستان كمنصّة لشن هجماتها على الولايات المتحدة ومصالحها، وقطع العلاقات كُلِّيًّا مع طالبان، والدخول في حربٍ مع الحركة الانفصاليّة البلوشيّة، وربّما لهذا السّبب لم يتم إعلان الاتّفاق اليوم الأحد في خِتام جولة المُباحثات في الدوحة.
حركة “طالبان” أثبتت قدرةً تفاوضيّةً عاليةً جدًّا، وكانت نِدًّا للولايات المتحدة ومُمثّليها، وفرضت نفسها بقوّةٍ بعد 18 عامًا من المُقاومة الشّرسة، كلّفت الإدارة الأمريكيّة ما يقرُب من الترليونيّ دولار، وحواليّ ثلاثة آلاف قتيل.
إمارة طالبان الإسلاميّة عائدةٌ بقوّةٍ سواء بالتّوصّل إلى اتّفاقٍ مع إدارة ترامب أو عدمه، لسببٍ بسيطٍ أنّ أمريكا اعترفت بالهزيمة وأرادت أن تُقلِّص خسائِرها.
صحيفة رأي اليوم الألكترونية