“ثلاثة متسولين” للنحات محمود مختار للمرة الأولى في المزاد

 

تعرض منحوتة “ثلاثة متسولين” النادرة والبارزة لنحات مصر المعاصر محمود مختار، في أول مزاد لها في 30 نيسان (أبريل) المقبل كجزء من مزاد “سوذبيز-لندن”- فن القرن العشرين / الشرق الأوسط. وتُبيّن “ثلاثة متسولين” لمسات الفنان الواضحة من دراسته الكلاسيكية لتشكيل الشخصيات المحلية من الثقافة المصرية والتاريخ الإسلامي. وتعتبر واحدة من اثنتين فقط من مثيلاتها المعروفة، والأخرى موجودة ضمن مجموعة متحف مختار في القاهرة. وبعدما بقيت في المجموعة الخاصة ذاتها منذ إهدائها لأستاذ مختار النحات جول فيليكس كوتان في ثلاثينات القرن العشرين، ستعرض منحوتة البرونز هذه في المزاد.

وقال رئيس المبيعات واختصاصي الفن العربي والإيراني المعاصر في “سوذبيز” أشكان باغستاني: “نحن متحمسون جداً بأن تتاح لنا فرصة التعامل مع هذا العمل النحتي البارز الذي صنعته أنامل أحد أهم النحاتين الرائدين في الشرق الأوسط”. وأضاف: “يدعو مختار المشاهد في كثير من الأحيان في أعماله للبحث عن الأشكال الرمزية العميقة التي تعبر عن الأفكار المهمة. وتشكل حقيقة أن هذه القطعة قد مُنحت لأستاذه الفنان جول، رمزاً لقيمة نقل المعرفة وأهمية الاستعانة ببعضنا البعض للحصول على التوجيه والدعم”.

وكان مختار من أوائل الطلاب الذين التحقوا بالمدرسة المصرية للفنون الجميلة عند افتتاحها عام 1908، وعندما تخرج في عام 1912 حصل الفنان البالغ من العمر 21 عاماً على منحة للدراسة في باريس فغادر وطنه للمرة الأولى. وخلال فترة دراسته في مدرسة الفنون الجميلة في باريس، تم تسجيل اسمه ليتدرب في استوديو الأستاذ كوتان، الذي لربما يشتهر اليوم بالتماثيل التي تزين واجهة محطة غراند سنترال في مدينة نيويورك.

بدأ مختار حينها بمزج إشارات من النحت القديم بلمسات جمالية حديثة، وأصبحت مصر في عداد الدول الحديثة بفضل وجود نحاتها الذي تدرّب في باريس والدعم العام الذي حظي به ويشتهر مختار بأعماله الضخمة التي تهيمن عليها الصور الفرعونية الكبيرة، وقد صنع الفنان أيضاً قطعاً أصغر حجماً للمشترين الأفراد، غالباً ما كان يصور فيها الفلاحين المصريين المحليين الذين أصبحت صورتهم بحلول عشرينات القرن العشرين رمزاً قومياً بارزاً في نضال مصر لتحقيق استقلالها.

وتُصوّر منحوتة “ثلاثة متسولين” ثلاثة رجال مصريين يرتدون جلابيات طويلة وعمائم ضيقة، وهو نمط لباس لا يزال سائداً في مصر اليوم. ويبدو أن الرجل في المنتصف هو الأصغر سناً، فعظام وجنتيه بارزة وفكّه قوي. وإلى يساره رجل كبير في السن يضع رأسه على كتف الأصغر سناً ويده حول ذراع الرجل المثنية، بينما تمتدّ ذراع الرجل الأصغر الأخرى إلى رجل يمشي متكئاً على عصا للمشي ويقود الاثنين الآخرين ويده على وجهه كما لو كان ينادي على الطريق.

وبخلاف الأسطح فائقة النعومة للتماثيل الرخامية الصغيرة التي يمتلكها مختار للنساء الفلاحات، تتصف هذه المنحوتة البرونزية بالتقلب والهيئة المبهمة، وتستحضر أعمال أوغست رودان. ويذكرنا تكوين الرجال الثلاثة الذي يبدو الضعف على كل منهم بطريقة مختلفة، بعمل “ثلاثة ظلال” لرودان، والذي من المرجح أن مختار كان قد اطلع عليه من قبل. وبدلاً من نسخ عمل الفنان الفرنسي بشكل أعمى ومن دون لمسة خاصة، يعيد مختار تكوين العمل بتعبيره الخاص عن هويته الأصيلة.

 

 

صحيفة الحياة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى