جنرالٌ إسرائيليٌّ يكشِف سيناريو كابوس الرعب: الحرب القادمة ستكون الأكثر قسوةً والجيش ليس جاهزًا و40 بالمائة “فقط” من صواريخ حزب الله وحماس ستُعيد إسرائيل عشرات السنوات للوراء
تناول الجنرال الإسرائيليّ، يتسحاق بريك، في مقالٍ نشره بصحيفة (هآرتس) العبريّة قضية جاهزية وقدرة جيش الاحتلال الإسرائيليّ على شنّ هجومٍ لتدمير المنشآت النوويّة الإيرانيّة مؤكّدًا بصورةٍ قاطعةٍ وجازمةٍ أنّ سلاح الجو الإسرائيليّ يُعاني من مُشكلةٍ إستراتيجيّةٍ لأنّه أوهن من “‘إعطاء جوابٍ” في حال نشوب حربٍ مُتعددة الجبهات، يتّم خلالها إطلاق آلاف الصواريخ والمقذوفات يوميًا باتجاه الدولة العبريّة، على حدّ تعبيره.
وأضاف الجنرال بريك، الذي شغل منصب رئيس قسم مظالم الجنود بين الأعوام 2008 وحتى 2019، أضاف أنّه قبل سنواتٍ عديدةٍ توصّل الإيرانيون إلى نتيجةٍ مفادها أنّه من الأفضل بالنسبة لهم تطويق إسرائيل بالصواريخ والقاذفات، من صون أسلحة جوٍّ كبيرةٍ وقويّةٍ، وجاء هذا القرار الإيرانيّ-الإستراتيجيّ لعدّة أسبابٍ: إسرائيل تمتلِك ساح جوّ قويٍّ وطائراتٍ حربيّة منى الأكثر تقدّمًا في العالم، بالإضافة إلى تجربةٍ قتاليّةٍ غنيّةٍ للطيّارين، تُعتبر جودتها الأعلى عالميًا، كما أنّ قدرة سلاح الجوّ الإسرائيليّ، أكّد الجنرال بريك، تفوق بعشرات المرّات قدرات أسلحة الجوّ للدول المُحيطة بها.
ورأى الجنرال الإسرائيليّ أنّ دوافع الإستراتيجيّة الإيرانيّة، أيْ عدم الاعتماد على سلاح الجوّ بل على الصواريخ، هي كالتالي: أولً، التكاليف الماليّة منخفضة نسبيًا، ثانيًا، إطلاق الصواريخ لا تتطلّب مهنيّةً وكفاءةً، إذْ أنّه حتى الفلّاحين قادرون على إطلاق الصواريخ الطويلة الأمد، المتوسطة والقصيرة، والتي تحمل رؤوسًا مُتفجرّةً بزنة مئات الكيلوغرامات، مع دقّة كبيرة في إصابة الهدف، وللتأكيد على ذلك، أشار بريك، إلى أنّ الصواريخ الدقيقة التي دكّت منشآت النفط السعوديّة، أُطلِقت من قبل الحوثيين، الذين لم يُكلّفهم الأمر شيئًا تقريبًا، على حدّ قوله.
أمّا السبب الثالث، بحسب الجنرال الإسرائيليّ، فهو أنّ إطلاق الصواريخ من المديّات المُختلِفة باتجاه المراكز السُكانيّة وأهدافٍ إستراتيجيّةٍ واقتصاديّةٍ أوْ مؤسسات الحكم لا يتطلّب وقتًا طويلاً للاستعداد، بل يُمكِن البدء بعملية الإطلاق خلال وقتٍ قصيرٍ من اتخاذ القرار باستخدام الصواريخ، رابعًا، الوقت بين إطلاق الصواريخ الثقيلة من مسافاتٍ تصل إلى مئات الكيلومترات وحتى سقوطها على الأهداف هو عدّة دقائق فقط، علمًا أنّ إصابة الأهداف دقيقةً جدًا.
وأوضح أنّه لهذه الأسباب الأربعة التي ذُكرت أعلاه، فإنّه إذا كُتِب على إسرائيل الدخول في حربٍ على عدّة جبهاتٍ، يتّم خلالها إطلاق آلاف الصواريخ والمقذوفات يوميًا باتجاه الدولة العبريّة، لن يتمكّن سلاح الجوّ من إعطاء الجواب الشافي والكافي، على حدّ تعبيره.
وانتقد الجنرال بريك بشدّةٍ التصوّر الإسرائيليّ الرسميّ الذي ما زال قائمًا حتى اليوم منذ سنواتٍ طويلةٍ والذي يؤكّد أنّ سلاح الجوّ هو العامل الحاسم في ساحة المعركة جازمًا أنّ هذا التصوّر لا أساس له من الصحّة على أرض الواقع، ومُضيفًا أنّه حتى لو لم يعترفوا بذلك فإنّ الحقائق على الأرض تثبت ذلك، مُستذكِرًا أنّ سلاح الجوّ الإسرائيليّ خلال حرب لبنان الثانية عام 2006 أصاب أهداف عديدةٍ ومُتعددةٍ تابعةٍ لحزب الله، ولكنّه لم يتمكّن من وقف إطلاق الصواريخ باتجاه العمق الإسرائيليّ حتى اليوم الأخير من الحرب التي استمرّت 34 يومًا.
وقال إنّه حسب التقديرات فرّ 300 ألف إسرائيليّ من الشمال خلال حرب لبنان الثانيّة، ولكن بالمُقابِل في الحرب القادِمة لن يكون أمامهم مكانًا للهرب إليه، وذلك لأنّ مئات الصواريخ ستُصيب مركز إسرائيل، وعلى نحوٍ خاصٍّ الصواريخ الثقيلة، التي تحمل مئات الكيلوغرامات من المُتفجرّات، لافتًا إلى أنّه اليوم يملك حزب الله وحماس عشرات آلاف الصواريخ لمديّاتٍ طويلةٍ، والتي تُغطّي جميع المراكز السُكانيّة الإسرائيليّة: منطقة غوش دان، عصب الدولة العبريّة، خليج حيفا، القدس، وشدّدّ على أنّ الحديث يجري عن قسمٍ كبيرٍ من هذه الصواريخ التي اعتبرها دقيقةً جدًا، مُوضِحًا أنّه حتى لو تمكّنت إسرائيل من اعتراض 60 بالمائة من هذه الصواريخ، فإنّ الـ40 بالمائة الآخرين سيُعيدون إسرائيل عشرات السنين إلى الوراء، لأنّها ستُصيب المنشآت الكهرباء، المياه، الوقود، الصناعة والاقتصاد، قواعد سلاح الجوّ وسلاح البريّة، ومراكز الحكم والمطارات والموانئ، وأهداف إستراتيجيّة أخرى ومراكز مكتظة بالسكان، على حدّ قوله.
ورأى أنّ الجيش الإسرائيليّ كرّس جُلّ وقته وميزانياته لصالح سلاح الجوّ، وذلك على حساب مُركّبات الجيش الأخرى، ومسّ مسًا سافِرًا بفكرة إقامة “جيش صواريخ”، كما أنّ سلاح البريّة تآكل في السنوات الأخيرة، وذلك على الرغم من أنّ سلاح الجوّ أضعف من إيجاد الردّ على تهديد الصواريخ الثقيلة والمُعادية، كما أنّ منظومات الدفاع مثل القبّة الحديدية ورديفاتها غيرُ قادرةٍ على صدّ جميع الصواريخ، لافتًا إلى أنّ ثمنها الباهِظ، أيْ مائة ألف دولارٍ لكلّ إطلاقٍ من قبل (القبّة الحديديّة)، وسعر صاروخٍ واحدٍ من طراز (حيتس) يصل إلى ثلاثة ملايين دولار، وهذه الأثمان تمنع الجيش من اقتناء كميّات كبيرةٍ منها، على حدّ قوله.
واختتم قائلاً إنّ جميع الجهات ذات الصلة من المُستويين الأمنيّ والسياسيّ، بما في ذلك الجيش، تُجمِع على ضرورة منح الأفضليّة لسلاح الجوّ الإسرائيليّ، ولكنّ الحرب القادِمة ستكون الأكثر قسوةً من جميع الحروب التي خاضتها إسرائيل منذ العام 1948، والجيش ليس جاهزًا ولا مُستعدًا، جزم الجنرال الإسرائيليّ يتسحاق بريك.
صحيفة رأي اليوم الألكترونية