جيريمي كلاركسون يعود على عربة «أمازون»
لعلّ مسؤولي «هيئة الإذاعة البريطانية» (بي بي سي)، الذين كانوا وراء فصل مقدم برنامج السيارات المعروف جيريمي كلاركسون، إثر الخلاف معه العام الماضي، يعضّون أصابعهم ندماً اليوم بعدما شاهدوا الموسم الأول من البرنامج الجديد للمذيع وفريقه، والذي أنتجته شركة «أمازون» الأميركية ووفرته قبل أيام للمشتركين فيها عبر الإنترنت. ذلك أن البرنامج الجديد الذي يحمل عنوان «ذي غراند تور»، بإخراجه المثير والبذخ الإنتاجي البادي عليه وردود الفعل النقدية والجماهيرية الأولية الإيجابية، سيكون على الأرجح أحد النجاحات الكبيرة للشركة التي تبيع الترفيه عبر الإنترنت، وسيتصدر برامج السيارات التلفزيونية. والأهم من ذلك، سيبرز مكانة المذيع في النجاح التلفزيوني، إذ إن برنامج «بي بي سي» الذي تركه كلاركسون («توب غير»)، يعاني المشاكل اليوم بجذب الجمهور بسبب تعثّره في إيجاد المقدمين المناسبين الذين يتولون القيادة فيه.
سبقت الإشاعات والتكهنات الإعلامية عرض البرنامج الجديد بأشهر، منها من حاول أن يتخيل شكل البرنامج الجديد، ومدى تشابهه أو اختلافه مع برنامج «بي بي سي»، وبعضهم راح يخمن الأموال التي صُرفت على البرنامج، بخاصة بعدما دخلت شركة «نتفليكس» على خط التنافس، عندما صرّح أحد مديريها، في تصرّف غير مسبوق من الشركة، بأنه يعرف موازنة البرنامج الجديد، وهو الأمر الذي نفته «أمازون» في تصريح إعلامي أخير، وفضّلت عدم الكشف عن موازنة الموسم الأول من «ذي غراند تور»، وحصة فريق المقدمين البريطانيين منها.
يتبين سريعاً ومن افتتاحية الحلقة الأولى، أن الفريق البريطاني المشاغب لن يتخلى عن أسلوبه الجريء وأحياناً الوقح في التقديم، إذ تتضمن الافتتاحية تلك إشارات الى مشكلة كلاركسون مع « بي بي سي»، والتي تحولت الى خبر عالمي وقتها، فتظهره كئيباً في شارع لندني ماطر، فيما كانت أصوات مذيعين من نشرات أخبار حقيقية تتطرق الى ذلك الخلاف في الخلفية. يتجه كلاركسون بعد ذلك الى مطار بريطاني هارباً من البلد. عندما يصل الى وجهته في الولايات المتحدة، يتبين أن زميليه (ريتشارد هاموند وجايمس مايو) في انتظاره، ومعهما جمهور بالآلاف، بعدها تبدأ مقدمة تخطف الأنفاس تصوِّر المقدمين وهم يقودون سياراتهم في صحراء أميركية مترامية الأطراف.
لا اختلافات كبيرة تميز «ذي غراند تور» عن «توب غير»، عدا تركيزه على الجمهور الأميركي، وهو الجمهور الذي يشكل النسبة الأعظم من مشتركي «أمازون». فتركيبة البرنامج الجديد التي تجمع بين الكوميديا ونقد خصائص السيارات ومراجعتها والاحتفاء بالسيارة كمنتج مثير، هي نفسها التي يقوم عليها البرنامج البريطاني.
بيد أن البرنامج الجديد سينتقل، وعلى خلاف البرنامج السابق، في كل حلقة الى دولة جديدة، ناقلاً معه ديكوره الذي يشبه الخيمة. لكنه سيحافظ، في ما يبدو، على علاقة خاصة مع بريطانيا، بلد المقدّمين الثلاثة، والتي توفر مادة كوميدية، كما بدا في الحلقة الأولى التي ركزت على الاختلافات في الثقافة بين البريطانيين والأميركيين.
لم يكن النجاح نصيب كل خيارات الحلقة الأولى ومراهناتها، إذ كانت فقرة النجوم (فقرة أساسية في البرنامج البريطاني) غير موفّقة، فالمزاح عن موت نجوم معروفين في طريقهم الى خيمة البرنامج، والتي لعب النجوم أنفسهم أدواراً فيها، كان سمجاً، وكذلك النكتة الجنسية التي رواها كلاركسون. فيما غاب التجديد عن كوميديا الفروقات بين البريطانيين والأميركيين.
في مقابل ذلك، كان تصوير البرنامج والتقنيات المستخدمة هي ثورة فعليّة في هذا النوع من البرامج التلفزيونية، إذ تم التصوير بتقنية «4K» في كثير من المشاهد الافتتاحية ووفق البيانات الصحافية التي نشرتها شركة «أمازون».
يُعد برنامج «توب غير» الذي أطلق شهرة كلاركسون وزملائه ظاهرة على صعيد البرامج التلفزيونية الغربية، إذ بيع الى نحو 215 بلداً حول العالم، وأنتجت منه نسخ محلية في دول عدة منها: الولايات المتحدة، فرنسا، الصين، أستراليا، وكوريا. حافظت النسخة البريطانية الأصلية على جمهور وفيّ حتى في الدول التي أنتجت نسخاً محلية من البرنامج.
وفي موازاة النجاح، واجه البرنامج الكثير من المشاكل بسبب وقاحة مقدمه (كلاركسون)، الذي فُصل العام الماضي من «بي بي سي» على خلفية ما قيل حول تعدّيه بالضرب على أحد منتجي البرنامج.
صحيفة الحياة اللبنانية