«جيوش لبنان، انقسامات وولاءات»: قصة عسكريين مغامرين [ 1/3]
الشوف الممنوع بين كمال جنبلاط وياسر عرفات وأحمد الخطيب
يروي كتاب «جيوش لبنان، انقسامات وولاءات» للزميل نقولا ناصيف قصة انشقاقات الجيش اللبناني في سني الحرب، في خمسة فصول تتناول جيش لبنان العربي (1976)، وطلائع الجيش العربي اللبناني (1976)، والالوية التي قادها اللواء سامي الخطيب (1988 ــــ 1989)، وصولا الى جيش ما بعد اتفاق الطائف.
خيط واحد يجمع ما بين المحطات هذه هو الدوران الفلسطيني والسوري في صنع الانشقاقات تلك في سياق نزاع سياسي كان العسكريون وقوده، فاذا التسويات السياسية تضعهم على الهامش.
يقول ناصيف في مقدمة الكتاب انه يحمل «تجارب واحداثاً مهمة في تاريخ الجيش، كان وراءها، كما في مقدّمها، مغامرون، او محظوظون، او شجعان، او متهوّرون، او مسكونون بمخيّلات لا قعر لها، لكنهم ايضا منقادون الى ادوار عمياء. لكل منهم جزء من الاحداث والسياسات والقرارات». ولاسباب تقنية حُذفت الهوامش المرافقة للفصول المنشورة.
تنشر «الاخبار» حلقات ثلاثا من فصول فيه اليوم وغدا وبعد غد. ويوقع ناصيف الكتاب في المهرجان اللبناني للكتاب الذي تقيمه الحركة الثقافية ــــ انطلياس في كنيسة مار الياس انطلياس، الاثنين 6 آذار، من السابعة حتى التاسعة مساء
مذ اطلق انشقاقه، عدّ احمد الخطيب جيش لبنان العربي جزءاً لا يتجزأ من الحركة الوطنية بزعامة كمال جنبلاط، منادياً بمواقفها ومشاركاً ميليشياتها في الصدامات العسكرية مع الطرف الآخر.
تدريجاً لمس ان كلاً من الاحزاب الرئيسية فيها، العلمانية كالحزب الشيوعي اللبناني ومنظمة العمل الشيوعي والحزب السوري القومي الاجتماعي وحزب البعث بشقيه العراقي والسوري، وذات المنحى الطائفي كالحزب التقدمي الاشتراكي والمرابطون والتنظيم الشعبي الناصري، يريد جيش لبنان العربي اداة عسكرية له، متجاهلاً الاقرار به حالاً مستقلة موازية في الصراعين السياسي والعسكري.
اراد كل منها الانشقاق مكمِّلاً لميليشياه. كل منها يقود تنظيماً مسلحاً يفتقر الى ضباط ورتباء وعسكريين وخبراء مجرّبين يقودون الاعمال الحربية.
على طرفي نقيض منها، اعتقد احمد الخطيب بأنهم حلفاء له وشركاؤه في التفاوض السياسي ايضاً.
يفسحون له مكاناً عندما يحين اوان قطف الثمار كي يجني بدوره حصته. لم يتصرّف كقائد جيشه فحسب، يكتفي بالهجمات والاشتباكات العسكرية، بل اطلق مواقف سياسية ومفاهيم ومبادىء عقائدية لم تتعارض مع ما قال به رؤساء الاحزاب تلك. بيد انهم لم يستسيغوا الى جانبهم قائداً سياسياً اضافياً.
كانت التجربة الاكثر امتحاناً للتقييم المتناقض للتحالف بين احمد الخطيب والحركة الوطنية، علاقته بكمال جنبلاط. فور اعلانه انشقاقه، علّق الزعيم الدرزي ان الرجل يمثّل “ظاهرة صحية تستحق الدرس”. استخدم العبارة مجدّداً في “قمة عرمون” التي جمعت في 30 كانون الثاني 1976 رئيس الحكومة رشيد كرامي والمراجع الدينية والزعماء والقيادات الاسلامية مع وفد سوري برئاسة عبدالحليم خدام. في الاجتماع قال نائب وزير الدفاع رئيس استخبارات الجو اللواء ناجي جميل للحاضرين ان سوريا لا تقبل بأن يستدرجها ملازم الى مواجهة مع اسرائيل، ليست مستعدة لها. اضاف: هذا الضابط يجب ان يُعاقب.
تحفّظ عن هذا الطلب مفتي الجمهورية الشيخ حسن خالد، مضيف الاجتماع في بيته، وكمال جنبلاط الذي كرّر وصف الانشقاق بالظاهرة. في الايام التالية راح يتحدّث عن”حركة القائد احمد الخطيب”، مشيداً بها وقد وصفها ــــ مرة اخرى ــــ بـ”ظاهرة صحية سليمة ومبادرة تهدف الى تصحيح اوضاع الجيش”. مذذاك اظهر دعمه العلني لها رغم معرفته بالامتعاض السوري من نشوئها، ودور حركة فتح في اطلاقها.
لم يعنِ جيش لبنان العربي له سوى ظاهرة تولدت من ردّ فعل على انحياز المؤسسة العسكرية. لم يبصرها ايضاً مكوّناً رئيسياً في الحركة الوطنية شأن الاحزاب ورؤسائها القابضين على القرار، بل حسبها آلة عسكرية ليس الا. بدا بذلك اقرب الى تبريرها منه الى الدفاع عنها واحتضانها.
لم يُبدِ في الغالب حماسة لدعمه، ولم يتردّد ــــ حيال صعوده المفاجىء وانفلاشه غير المتوقع في مناطق واسعة من الجنوب والبقاع في اسابيع قليلة ــــ في استدعاء احد ضباطه هو ابراهيم شاهين لحضه على اقناع احمد الخطيب بعدم الانتقال وجنوده الى الجبل خشية “تهشيل المسيحيين”.
نجم حذره، من دون تجاهل الاهتمام الضمني به، من ان صاحب الظاهرة الذي يتطلع الى دور وحضور سياسيين، يتحدّر من شحيم، الواقعة في صلب النفوذين الانتخابي والسياسي للزعيم الدرزي في اقليم الخروب في الشوف الاوسط. اوحى احمد الخطيب، وقد اكثَرَ من تنظيم مهرجانات ولقاءات شعبية في مسقطه، ورفع صوره وشعاراته على الجدران واجتذاب السكان السنّة اليه، بوضع موطىء قدم سياسية صلبة لا تقتصر على البلدة والمنطقة فقط، بل تجعله وجهاً لوجه مع احزاب محترفة ومخضرمة حيث تكون. رؤساؤها متمرسون وذوو قواعد شعبية متينة.
(…) لم يقلل ذلك من اعتقاد الضابط المنشق بأن كمال جنبلاط ينظر اليه بتعالٍ، مهتماً بالظاهرة وفي الوقت ذاته مبصراً قائدها في حجم ادنى مما منحه لنفسه صاحبها. لفتته نظرته الى عائلته على انها من اتباعه ليس الا، ناهيك بأن اباه زين وعمّه انور منتسبان الى حزبه.
افصح عن هذا الجانب لقاء في منزل ربيع الخطيب، نجل انور الخطيب، في بيروت جمع كمال جنبلاط واحمد الخطيب توخى المصارحة بينهما.
ما يرويه ان الزعيم الدرزي “لم يُخفِ مكنونات قلبه، مذكّراً بدعمه عائلة الخطيب، وكيف انني لم احفظ الجميل وتنكّرت له وحاولت جمع الناصريين في كتلة واحدة، خصوصاً ابراهيم قليلات عن المرابطون والاتحاد الاشتراكي العربي ــــ التنظيم الناصري وقوات ناصر لاقصاء الحزب التقدمي الاشتراكي، ولمّح الى الوضع الطائفي والمذهبي كأنني استهدف الطائفة الدرزية”.
اقتضب خاتمة الاجتماع بالقول: “انتهى اللقاء العاصف بالتكاذب وغسل الالسن دون القلوب”.
بسبب نفوره التقليدي من الجيش ونظرته اليه بريبة وشكوك، ويقينه من انه يمثّل عصب الزعماء الموارنة وقوتهم وبابهم على التشبّث بالنظام ورفض اصلاحه، رمى كمال جنبلاط بداية الى استقطاب العصيان اليه وطمأنته الى تأييده ورعايته له ووقوفه الى جانبه.
لم يرضه اجتذاب احمد الخطيب شريحة واسعة من السكان في الجنوب والبقاع وصولاً الى قسم من الجبل، قبل ان يحاول التمدّد الى هذه المنطقة حتى، مستفيداً من التعاطف الشعبي. بدا جيش لبنان العربي زعامة طالعة تتجاوز دورها حركة انشقاق على قيادة اليرزة الى الاضطلاع بموقع سياسي مستقل، غذّتها المواقف التي راح قائدها ــــ مأخوذاً بتصدّره صفحات الجرائد ــــ يطلقها يومياً حيث يطأ التمرّد.
بعثت بضعة لقاءات عقدها مع كمال جنبلاط الشكوك في نفسه، عندما لاحظ محدّثه يتعمّد حصر علاقته به كأداة عسكرية يقاتل بها خصومه، من دون ان يكون شريكه في التفاوض السياسي كمحسن ابراهيم وجورج حاوي وانعام رعد وابرهيم قليلات. بَالَغَ الضابط المنشق ــــ الكثير العجلة الى دور ومكانة سياسيين يكرّسانه لاعباً رئيسياً ــــ في مخاوفه حينما ساوره قلق من ان الزعيم الدرزي يتوجس من شعبية متنامية يحوزها جيش لبنان العربي، الى ان عَامَ النفور بينهما اكثر من مرة، حتى كان خلاف اقرب الى الافتراق بين الرجلين، عندما انشأ كمال جنبلاط في 22 تموز 1976 ادارة مدنية محلية في مناطق سيطرة الحركة الوطنية سُمّيت المجلس السياسي المركزي لاحزابها.
دعاه على الاثر الى دمج جيش الانشقاق في هذا المجلس، فتحفّظ اعتقاداً منه بأنه يتقصّد تذويبه فيه وافقاده هويته، ومن ثمّ كيانه المستقل.
اعراباً عن رفضه هذا الخيار، حمل الرائد حسين عواد الى رئيس الحكومة رشيد كرامي قلق جيش لبنان العربي من نشوء ادارات محلية، طاوياً موقفاً مماثلاً للإمام موسى الصدرٍ. شكا له من تأهب ميليشيات الحركة الوطنية للافادة من توسّع انتشارها بتكريس سيطرتها، عبر سلطة بديلة من دولة توشك على الانهيار تماماً.
في زيارتيه رشيد كرامي ــــ وكان وصفه كمال جنبلاط باستمرار “شخصية تقليدية غير قابلة للتحريك” ــــ في 8 آب 1976 و13 منه، تناول حسين عواد محاولة الزعيم الدرزي “الاستيلاء على السلطة فعلياً”. اطلعه على معلومات ووقائع متوافرة عن ادوار تتحضّر الحركة الوطنية للاضطلاع بها، منبّهاً اياه الى انها “احالت الجنوب إمارات: منظمة العمل الشيوعي في بنت جبيل، الحزب الشيوعي اللبناني في مرجعيون، الحزب التقدمي الاشتراكي والحزب السوري القومي الاجتماعي والجناح العراقي في حزب البعث في المناطق الاخرى”.
حدّثه عن “تحويل الميليشيات الى جيش تحرير شعبي، والشروع في انشاء الادارة المحلية والتهجم على الشخصيات الاسلامية وتقليل اهميتها ودورها”. وفي انتقاد مباشر الى كمال جنبلاط، لم يتردّد في القول انه “يسخّر المقاومة لخدمة طموحات شخصية غير مشروعة، ومحاولة احتواء جيش لبنان العربي والقول بأن السلطة تهاجمه”، بينما لاحظ ان المقاومة الفلسطينية “في وضع سياسي يجبرها على السكوت”. حمّل رئيس الحكومة كذلك “المسؤولية عن الارواح والكرامات والمصير”، وهو يحضه على الاستعانة بـ”قوة تنفيذية لأن المسؤولية لا يمكن ان تكون شكلية”.
رغب احمد الخطيب في ان يستمر جسماً منفصلاً بازاء شركاء المواجهة ضد عدو واحد، وان يكون جيشه حليفاً موازياً لا جزءاً من كل. يقاسمهم الاعباء العسكرية والمكاسب السياسية، ويجلس واياهم متكافئين في المكانة والدور الى طاولة واحدة. في المقابل حرص كمال جنبلاط على مطالبته دائماً بالتزام قرارات الحركة الوطنية، فراح يجيبه احمد الخطيب بلا تردّد: انا ذراعها العسكرية.
سأله ايضاً هل يبدو واثقاً من انه قام بثورة، فردّ: لا. لا استطيع القيام بثورة لأن لا اتصال لي بالعسكريين وقِطع الجيش. يمكن ان تسمّي ما فعلت التحاق عسكريين بي. انتفاضة او انقلاب. لكن ليس ثورة.
لم يكن من السهل اهمال التباعد بين جيش لبنان العربي والحركة الوطنية، ولا كذلك ما يشيعه احدهما عن الآخر من انتقادات واتهامات وتشهير مضمر. لم يسع اي في احزاب الحركة الوطنية الى تقليل تأثير حركة فتح على احمد الخطيب الذي راح في اجتماعاته بها يتصرّف بغطرسة. ابصر نفسه قائداً سياسياً مقدار ما يملك ان يأمر بضعة آلاف عسكريين ومدنيين.
اوحى لرؤساء الاحزاب تلك انه يوازي كمال جنبلاط وياسر عرفات، وله ان يتجاهل سواهما حتى، على انه اضحى الحاجة الملحة التي يتطلّبونها منه. اقلقهم ايضاً ان الاستقطاب الشعبي الذي يحوزه في مناطق تمدّده تجني حركة فتح ثماره اكثر منها الاحزاب اللبنانية.
رمى ياسر عرفات ــــ وهو يبصر الخلاف بين مَن يعدّهما حليفيه ــــ الى توجيه الانتباه نحو مسار آخر يجعله، في الظاهر على الاقل، على الحياد كي لا يغلّب احدهما على الآخر. وازَنَ بينهما، وتوخى ادماج جيش الانشقاق في صلب سلطة القرار السياسي في الحركة الوطنية، لا على هامشها.
كاشف القائد الفلسطيني، في 15 تموز، كمال جنبلاط لدى اجتماعه به في منزله في المصيطبة، في حضور رؤساء الاحزاب، بضرورة “توضيح العلاقة بين الحركة الوطنية وجيش لبنان العربي لئلا يكون هناك التباس، خصوصاً في هذه المرحلة حيث نشاط كبير للاستخبارات السورية والاجنبية. نفوس تأثرت بالاشاعات.
الثقل الكبير هو في الحاجات الضرورية. 40 يوماً تمثّل قدرة فائقة للناس على الاحتمال. بعد عودتي من الخارج لمست شروخاً. اذا لم نصلحها، فان الفئات الاخرى ستستفيد منها. هل ان جيش لبنان العربي جزء من السلطة السياسية؟”.
ردّ كمال جنبلاط في دفاع مبكّر عن الادارة المحلية، مستبقاً الاعلان عنها رسمياً الاسبوع التالي في 22 تموز. شرح دورها ومهمتها وهيكليتها، قائلاً: “كنا ننتظر انتهاء هذه الاحداث بسرعة. عندما هُدمت هيكلية المؤسسات وفواجع انتشار الجريمة، لأن العنف يجلب الجريمة، لم نكن نودّ ان نظهر اننا نريد التقسيم.
لا بد من مواجهة مسؤولياتنا، خاصة اذا دامت هذه الاحوال الى حد القلق، فأنشأنا الهيئة الشعبية للمشاركة مع الادارة المحلية وهيئات اخرى. نظّمنا بعد حوادث صوفر مجموعة من المكاتب تضم بين 200 او 300 شخص حتى يفرزوا 480 سجيناً بين سارق ومجرم. معظم البيوت نهبت، وهناك مشاكل ناتجة عن الاحزاب. الجيل الطالع نصفه سارق. تمكّنا من اعطاء وجه لاطائفي لها”.
لفت الى ان “السلطة السياسية هي الجبهة التي تتمثّل فيها كل الاحزاب والقوى الوطنية ومن ضمنها جيش لبنان العربي، والقيادة السياسية هي المرجع الاعلى في المناطق الوطنية”، في معرض حضه الحاضرين على دعم انشاء مجلس سياسي مركزي تتمثّل فيه الاحزاب وتلتزم برنامجها المرحلي، واخرى محلية منبثقة منه تتولى تلبية حاجات المواطنين في نطاق ادارة مدنية تحل محل مؤسسات الدولة بعد تفككها وانهيارها.
اضاف ردّاً على الرائد حسين عواد الذي دعا الى مساندة رئيس الحكومة رشيد كرامي: “الخليفة يحتاج الى مسمّى، لكن السلطان عبدالحميد خُلِع. هكذا حال الخليفة عندنا. هيئة مسؤولة تحرّك الجهاز. اذا لم يأتِ نعيّن واحداً محله. قد نضطر الى تجاوز حرفية القانون للتمكن من تطبيقه. اذا لم توجد قوة رادعة من خارج الدرك، لا يمكن القيام بشيء. نسمّي القوة الرادعة قوة طوارىء، والا فان البلاد ستفلت من ايدينا. شمعون يقول ان المشاكل ستنتهي في آذار”.
حسين عواد، وكان حاضراً موفداً من احمد الخطيب: “لنعطِ كرامي فرصة للتحرّك ونقوم بحوار مع هذا الرجل”.
ثم عقّب: “انا جيش لبنان العربي ولست جيشاً ميني. لستُ ذراع الحركة الوطنية، ولست جيش الحركة الوطنية. لي شخصية مستقلة”.
ياسر عرفات: “صراحة حسين مهمة، وانا اشكره على هذه الصراحة. سيكون هناك ازدواج في الولاء. ينبغي وضع هذا الكلام في الذهن. هل تستطيع الحركة الوطنية اعطاء جيش لبنان العربي ولاءً واحداً؟“.
كمال جنبلاط: “هناك ثنائية في وضعكم. ما يجمعكم بالحركة الوطنية اربعة بنود. اولها الولاء للمبادىء التي تؤمن بها هذه الحركة، فيها شيوعيون لا اؤمن بما يؤمنون به، وفيها كذلك قوميون، لكن البرنامج المرحلي يترجم الحدّ الادنى. ثانيها النضال الى جانب الحركة الوطنية. ثالثها المشاركة في التكوين السياسي الموقت، وهذا الجيش يأتمر بأمر هذا الجهاز. رابعها في حال عودة الشرعية الى ممارسة صلاحياتها يصبح جيش لبنان العربي جيش كل لبنان”.
حسين عواد: “اوافق على البنود 1 و2 و4. اما البند الثالث فندرسه في مجلس القيادة لاتخاذ القرار المناسب”.
كمال جنبلاط: “كجيش لبنان العربي، مررتم في مرحلة متأخرة من النضال. كوّنتم هيكلاً من خارج الحركة الوطنية مع ايمانكم بمبادئها. الحركة الوطنية قاتلت بمئات من الناس، فتكوّنت ميليشيات الاحزاب. عندنا آلاف الشباب يريدون ان يشكّلوا القوة المقاتلة الرئيسية. لم تشكّلوا انتم هذه القوة. بدأنا من 13 شهراً بـ100 ليرة للعازب و150 ليرة للمتأهل. الجندي لا يرضى. لكن الفرق ان الميليشياوي غير خاضع للانضباط ويأتي باندفاع منه”.
اضاف: “هناك الوف من الشباب المقاتلين في الجبل، 4000 من الحزب الاشتراكي وانصاره. نحن في حاجة الى قادة وتنظيم. هناك فرق بين ضابط يقود وبين رجل ميليشيا.
انتبه الفريق الماروني قبلنا، فاستعان بضباط من الجيش اللبناني على رأس مجموعات، وهم الآن في طور تكوين جيش تحرير شعبي. بات يُحسب لقدراتهم الهجومية حساب. اما نحن، فلم نصل الا الى مرحلة دفاعية فقط، ولسنا راضين عنها. يجب تعزيز هذه الطاقة، ولذلك نحن في حاجة الى ضباط. اول مَن نصحنا بذلك حكمت الشهابي. هم شنّوا 52 هجوماً، بينما لم يكن في استطاعتنا نحن سوى شن هجوم واحد. ساعدنا الضباط على تدريب هذه القوى وضبطها. لو كان في امكانكم وحدكم ملء الفراغ كنا تركناكم. من اجل ذلك ننظم الميليشيا”.
قال ايضا: “هناك اتفاق مع دول عربية على الحصول على سلاح متطور لمواجهة الكتائب التي اصبحت قوة هجومية يُحسب لها حساب. ليس لدى جنود الجيش اللبناني الحالي الروح القتالية. انتقلت العدوى من الميليشيا الى الجندي لأن ليس هناك توجيه قومي. ابوعمار ما اعطانا الطحين الكافي”.
ياسر عرفات: “عندي وما عطيتكش يا كمال بك”.
كمال جنبلاط: “انا اطلعكم على الجو النفسي. نريد المصلحة العامة. الحاجة هي التي تجعلنا نقول لكم اسمحوا لنا بالضباط. من الصعب على عقيد او عميد ان يخدم تحت إمرة ملازم اول. لا بد من حل هذه المشكلة. انا جاهز لمساعدتكم على ان يعود الشباب. هناك عسكريون في بيوتهم ينتظرون. الاشخاص في الخدمة لا يخدمون تحت سلطة الاحتياط (في إمرة زين الدين). الحاجة تجعلنا نتوجه الى فلان او علان، وننتظر سواء عادت الدولة ام لم تعد، وسواء بقي السوريون في لبنان ام لا”.
اضاف: “ربحنا على السوريين في صوفر. 45 شخصاً اوقفوا 70 دبابة. هذا غير معقول. معركة صيدا كذلك. كان للمقاومة الفضل الاول. لعبنا صولداً في صوفر. لعبنا بالماضي والحاضر والمستقبل السياسي. قسم من الضباط لا يريد المغامرة مع جيش لبنان العربي، ولا مع الحركة الوطنية. لديهم شعور عربي.
كل هذه المسائل تشكّل موانع. اذا حُلّت عقدة النجوم قد يكون هناك حل. هناك فكرة اعطائه (احمد الخطيب) منصباً سياسياً وتعيين قائد جديد من اجل الاستقطاب. من الصعب توقّع مستقبل لجيش لبنان العربي. للتراتبية اهمية كبيرة”.
اخفق احمد الخطيب في اقناع كمال جنبلاط والحركة الوطنية بالتعامل معه كزعيم سياسي يفاوض ويحاور ويجني الثمار، وليس قائداً عسكرياً فحسب يناور وينفّذ الاوامر ويخسر ويُقتل عسكريوه في ارض المعركة. في بضع مرات لمس استخفافه به “نظراً الى رتبتي المتدنية، وهو القائد الذي يقود ضباطاً من رتبة عميد وما دون”.
صحيفة الأخبار اللبنانية