حادث دبلوماسي يعمق القطيعة بين أثينا وطرابلس
استنكرت وزارة الخارجية التابعة لحكومة الوحدة الوطنية الليبية اليوم الخميس تصرف وزير الخارجية اليوناني نيكوس ديندياس الذي رفض مغادرة الطائرة التي أقلته من أثينا إلى طرابلس وذلك لتفادي لقاء نظيرته الليبية نجلاء المنقوش التي كانت بانتظاره على سلم الطائرة، بينما كان من المقرر أن يلتقي رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي.
وأقلعت طائرة الوزير اليوناني لاحقا إلى بنغازي لتحط في شرق البلاد حيث مقر مجلس النواب وكذلك المقر المؤقت لحكومة فتحي باشاغا التي حازت على ثقة البرلمان لكنها عجزت عن دخول العاصمة طرابلس في مناسبتين على الأقل.
وجاءت هذه التطورات على وقع خلافات بين حكومة الوحدة الوطنية التي يقودها عبدالحميد الدبيبة وترفض تسليم السلطة للحكومة المنتخبة واليونان التي ترى بدورها أن حكومة الدبيبة غير شرعية وتأخذ عليها كذلك توقيع اتفاقيات أمنية وعسكرية وبحرية مع خصمها الإقليمي تركيا.
وأثارت اتفاقية ترسيم الحدود البحرية التي وقعتها أنقرة والحكومة المنتهية ولايتها إضافة إلى اتفاقية للتنقيب عن النفط والغاز في المياه الإقليمية الليبية، غضب اليونان ومصر اللتين اعتبرتا تلك الاتفاقيات غير قانونية وقعتها حكومة غير شرعية.
وفي أوائل أكتوبر/تشرين الأول، وقعت طرابلس وأنقرة اتفاقية للتنقيب عن المحروقات في المياه الليبية، نددت بها اليونان ومصر سريعا بها.
وقال دندياس في ذلك الوقت خلال زيارة إلى القاهرة إن “هذا الاتفاق يهدد الاستقرار والأمن في البحر المتوسط”، في تحد لـ”شرعية” حكومة طرابلس.
وقالت وزارة الخارجية الليبية في بيان إن وزيرة الخارجية نجلاء المنقوش كانت عند سلم الطائرة لاستقبال نظيرها اليوناني نيكوس ديندياس، مضيفة أن الأخير “رفض النزول من الطائرة قبل مغادرتها دون أي توضيح”.
وعبرت الوزارة عن استنكارها لهذه الخطوة وتعهدت بالرد “بالإجراءات الدبلوماسية المناسبة”، واصفة مواقف وزير خارجية اليونان حيال ليبيا في الأيام الماضية بـ”الفجة”. كما رأت أن تصريحاته “غير متزنة” في ما يتعلق بسيادة البلاد.
ولاحقا استدعت الخارجية الليبية القائم بالأعمال اليوناني يوانيس ستاماتيكوس على خلفية الغاء وزير خارجية بلاده زيارته لطرابلس التي وصلها بطائرة وغادرها دون أن ينزل من الطائرة، وفق ما أعلن محمد حمودة المتحدث باسم حكومة الوحدة الوطنية الذي وصف تصرف ديندياس بأنه “إهانة للشعب الليبي”، معلنا عن “خطوات أخرى يتعين اتخاذها بشأن موقف الوزير اليوناني”.
وفي أثينا، ألقت وزارة الخارجية اليونانية باللوم في الحادث الدبلوماسي على السلطات الليبية، واتهمتها في بيان “بالتنصل من اتفاق” ينص على عدم عقد لقاء بين دندياس والمنقوش.
وأوضحت أثينا أنه كان من المقرر أن يلتقي وزير الخارجية اليوناني في طرابلس رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي فقط، متجاهلا الحكومة، قبل أن يتوجه إلى بنغازي مقر السلطات المتنافسة في شرق البلاد.
وكانت أثينا على خلاف مع طرابلس منذ توقيع الأخيرة مذكرتي تفاهم في 2019 مع تركيا، تتعلق إحداهما بالتعاون العسكري والثانية وهي الأكثر إثارة للجدل، بترسيم الحدود البحرية وتؤكد أنقرة بفضلها حقوقها في مناطق واسعة في المتوسط.
ومنذ سقوط نظام معمر القذافي عام 2011، تعاني ليبيا من انقسامات ونزاع سياسي وتتنافس فيها حكومتان على السلطة: واحدة مقرها طرابلس (غرب) برئاسة عبدالحميد الدبيبة منذ مطلع عام 2021، وأخرى برئاسة فتحي باشاغا عينها مجلس النواب في مارس/اذار الماضي ويدعمها المشير خليفة حفتر.