حركات أحب أن أفعلها
أن أراقب دمشق من مكان عال في ساعة متأخرة من الليل فأقول لنفسي : هل من المعقول أن هذه الطفلة الوادعة النائمة هي نفسها الوحش الكاسر الذي أراه في النهار ؟
أن أمشي تحت المطر متمهلا و أنا أرفع رأسي من حين لأخر إلى الأعلى كي أقدم صلاة شكر للخالق على نعمته !
أن أقول ” أحبك” لأمرأة لا أتجاسر أن أقول لها ذلك!
أن أكون في حديقة عامة أطالع في كتاب ، فأسمع الأطفال يلعبون حولي فأرفع بصري فأشاهدهم يضحكون من أعماق قلوبهم لأي شيء يطرأ، فأترك المطالعة وأدع الكتاب جانبا كي أتابع ما يصنعه الأطفال و قلبي وحده يضحك معهم !
أن أتوقف عن السير في طريق خال من المارة كي أصغي لموسيقى ساحرة بلغت مسامعي من نافذة مفتوحة وأنا أفكر في واضع الموسيقا والشخص الذي يسمعها من صاحب هذا الذوق الرفيع الذي يختلي بمثل هذه الموسيقا ؟!
أن أصغي إلى إنسان بسيط لا أعرفه في محفل تشرف عليه مؤسسة سلطوية فيقول كلاما بسيطاً عكس تيار الكلام المنافق السائد في المحفل ثم يغادر المكان و كأنه يطبق ما قاله السيد المسيح : ” قل كلمتك …و أمشِ”.
أن يهديني أحدهم زهرة واحدة في مناسبة تخصني وهو يبتسم إبتسامة إعتذار صادق فأضمه إلى صدري وأنا أهمس في إذنه: شكراً على أجمل زهرة وصلتني عبر أجمل إبتسامة رأيتها في حياتي!..
أن أكون ليلاً وحدي في مكان ناء عن الضوضاء مستسلماً للسكينة والظلام والصمت الساجي … في تلك اللحظات أشعر وأنا أحبس أنفاسي بأن للصمت حضوره الجليل بقدر ما له من اللغة الخاصة به: لغة الصمت … وأنها الأبلغ والأعمق من أية لغة أخرى نتحدث بها !..
أن أكون في أمسية شعرية – كما حدث لي في إحداها – و أرى الحاضرين صامتين يصفقون للشعراء جميعاً تصفيقاً حماسياً ثم نخرج فأسأل أحدهم : ما رأيك بما سمعت ؟ فيجيبني على الفور: أنا لم أسمع شيئاً، و لكنني صفقت مثل الأخرين وأكثر منهم أحياناً … كم تمنيت أن أصفع ذلك الرجل … و لم أفعل بالطبع …
أن أتوجه إلى السماء بهذا الدعاء: يارب…أنا أفهم جيدا أن مشروعك العظيم أكبر مني بما لا يقاس بحساباتنا الفقيرة المحدودة ومع ذلك أدرك أيضاً أنني أشكل بمفردي في هذا المشروع الخارق شيئاً ما صغيراً جداً ولا يمكن مع ذلك الإستغناء عنه، فأنا إذن ضروري لك كما أنت ضروري لنا جميعاً، فهبني القدرة على أن أتواصل معك دونما إنقطاع …سبحانك يارب!.