حصة هزيلة للمتحزبين في البرلمان التونسي الجديد
أفرزت النتائج الأولية للانتخابات التشريعية في دورها الثاني التي جرت يوم الأحد تركيبة جديدة للبرلمان التونسي فازت الفئات العمرية الشابة بما يقارب نصف مقاعده فيما تجاوزت حصة النساء 16 في المئة بينما لم يتعدّ نصيب المترشحين المتحزبين 8.44 في المئة.
وحدد القانون الانتخابي الجديد الذي أقره الرئيس التونسي قيس سعيد العدد الجملي للمقاعد بمجلس نواب الشعب بمئة وواحد وستين أي بمعدل نائب عن كل دائرة وأقر أن يكون التصويت في الانتخابات التشريعية على الأفراد في دورة واحدة أو دورتين عند الاقتضاء وذلك عوضا عن نظام الاقتراع على القائمات المعتمد سابقا.
وأفضت الجولة الثانية من الانتخابات إلى انتخاب 154 نائبا من بين 161 المكونين للبرلمان بعد عدم تقديم ترشحات في سبع دوائر انتخابية بالخارج وترك مآل المقاعد الشاغرة إلى المجلس النيابي الجديد وذلك إما بإقرار تنظيم انتخابات جزئية بهذه الدوائر أو الإبقاء على المجلس بـ154 نائبا.
ورغم أن القانون الانتخابي الجديد لم يقر مبدأ التناصف بين الرجال والنساء في الترشح للبرلمان على خلاف انتخابات برلماني 2014 و2019 فقد تمكنت 25 امرأة من الحصول على مقاعد بمجلس النواب وهو ما يمثل نسبة 16.2 من المجموع مقابل تمثيلية للمرأة في برلمان 2019 بلغت نسبة 23 في المئة و36 في المئة في دورة 2014.
وأرجع الرئيس قيس سعيد الإقبال المتدني على التصويت في الانتخابات البرلمانية إلى انعدام ثقة التونسيين في البرلمان بسبب العبث الذي طغى على أجوائه في العشرية الماضية، رافضا اعتبار نسبة المشاركة التي كانت في حدود 11.3 في المئة دليلا على تراجع شعبيته مثلما روجت له أحزاب المعارضة.
وفي أول تعليق على تواضع نسبة المشاركة في الانتخابات دعت المعارضة إلى الإعلان عن انتخابات برلمانية ورئاسية مبكرة ووصف زعيم جبهة الخلاص أحمد نجيب الشابي نسبة المشاركة بـ”العزوف الرائع”، داعيا الرئيس قيس سعيد إلى ترك السلطة، معتبرا أن البلاد تعيش محنة سياسية كبرى.
لكن الرئيس التونسي حمّل من أسماهم بـ”الخونة” مسؤولية ترذيل العمل السياسي وتحويل البرلمان إلى “دولة داخل الدولة”، قائلا “عمقنا الشعبي أكبر من عمقهم”.
والبرلمان الجديد يعدّ أول برلمان ينتخب بنظام الاقتراع على الأفراد بعدما حلّ الرئيس سعيد بموجب إجراءات استثنائية اتخذها في 25 يوليو/تموز 2021 البرلمان السابق الذي كان يترأسه زعيم حركة النهضة الإسلامية راشد الغنوشي.
وفي يوليو/تموز 2022 تم إقرار دستور جديد إثر استفتاء شعبي تضمن صلاحيات محدودة للبرلمان مقابل تمتع الرئيس بغالبية السلطات التنفيذية ومنها تعيين الحكومة ورئيسها والنواب الجدد ليس بإمكانهم دستوريا “منح الثقة للحكومة ولا يمكن أن يوجهوا لائحة لوم ضدها، إلا بأغلبية ثلثي أعضاء المجلس”.
ودافع سعيد عن إجراءاته الذي يعتبرها ضرورية وقانونية لإنقاذ البلاد من انهيار شامل، مستندا إلى شعبيته التي توجته رئيسا للبلاد لفترة رئاسة تمتد على 5 سنوات وتعهد في مناسبات عديدة بالتصدي للعملاء والعابثين بمقدرات البلاد، مؤكدا أنه لا مجال للعودة إلى الوراء.
وجددت أحزاب المعارضة وتتقدمها حركة النهضة الإسلامية مطلبها بتنحي سعيد عن السلطة وتكوين حكومة إنقاذ تمهيدا لفترة انتقالية جديدة ومراجعات دستورية، لكنها تصطدم بنفور الشارع التونسي من طروحاتها إذ يصطف العديد من التونسيين إلى جانب الرئيس، محملين منظومة ما قبل 25 يوليو/تموز مسؤولية تدهور الأوضاع ولا يرون فيها بديلا للمسار الحالي بالاستناد إلى أنها أهدرت فرصتها خلال العقد الماضي.