حصيلة مفزعة لضحايا فيضانات ليبيا وتوقعات بتضاعف الخسائر
تحصي مدينة درنة المدمّرة في شرق ليبيا ضحايا الفيضانات المدمرة الناجمة عن العاصفة “دانيال”، فيما أعلن سعدالدين عبدالوكيل وكيل وزارة الصحة بحكومة الوحدة الوطنية أن عدد القتلى تجاوز الستة آلاف شخص، في ظل تقديرات بأن نحو 10 آلاف شخص ما زالوا في عداد المفقودين بينما تقل احتمالات العثور على ناجين.
وأوضح عبدالوكيل أن المستشفيات الحكومية في المناطق المتضررة شبه معطلة، قائلا “نعمل الآن على تشغيل 10 مستشفيات موزعة على عدة مدن ومناطق لكي يتم توفير الأطقم الطبية لها وكذلك سيتم توزيع 20 مركزا لتوفير الرعاية الصحية”.
وأشار إلى “تكليف المركز الوطني لمكافحة الأمراض لتقييم الوضع الوبائي داخل مدينة درنة لأن هناك حيوانات نفقت جراء الفيضانات، فضلا عن وجود جثث دخلت مرحلة التحلل”.
بدوره قال هشام أبوشكيوات وزير الطيران المدني في حكومة شرق ليبيا اليوم الأربعاء إنه تم إحصاء أكثر من 5300 جثة في مدينة درنة، مضيفا أنه من المتوقع أن يرتفع العدد بشكل كبير وربما يتضاعف.
وتابع أن البحر يواصل لفظ عشرات الجثث، مضيفا أن إعادة الإعمار ستتكلف مليارات الدولارات.
وقالت المنظمة الدولية للهجرة في ليبيا اليوم الأربعاء، في منشور على منصة “إكس”، إن ما لا يقل عن 30 ألفا نزحوا في درنة، المدينة الأكثر تضررا من العاصفة دانيال.
وأضافت أن العدد المعروف للنازحين في مناطق أخرى ضربتها العاصفة بما في ذلك بنغازي هو 6085 شخصا ولم يتم التحقق من عدد الوفيات بعد.
وتابعت “المنظمة الدولية للهجرة وشركاؤها يقومون على الفور بالتجهيز المسبق للمواد غير الغذائية والأدوية ومعدات البحث والإنقاذ والأفراد للمناطق المتضررة”.
وفي وقت متأخر من الثلاثاء بلغت الحصيلة الأولية الصادرة عن السلطات في الدولة الواقعة في شمال أفريقيا 2300 قتيل على الأقل، رغم أن بعض المسؤولين تحدّثوا عن أرقام أعلى بمرّتين.
وقال المسؤول في الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر تامر رمضان إن 10 آلاف آخرين ما زالوا في عداد المفقودين.
وأكد “لا نملك عددا محددا في الوقت الحالي”، لكنه شدد على أن مصادر مستقلة أكدت للمنظمة بأن “عدد المفقودين وصل إلى 10 آلاف شخص حتى الآن”.
ونتجت الفيضانات عن عاصفة قوية تسببت في انهيار سدين قرب المدينة لتنطلق موجة هادرة من المياه وتدمر رُبع، أو ما يزيد على رُبع، المدينة المطلة على ساحل البحر المتوسط جارفة بنايات بسكانها.
وتحيط تلال بالمدينة الواقعة على بعد 300 كيلومتر بالسيارة شرق بنغازي ويمر فيها مجرى نهر يجفّ عادة خلال الصيف، لكنه تحوّل الآن إلى تيار قوي من المياه الموحلة التي جرفت معها عددا من الجسور الرئيسية.
وكانت درنة تعد حوالي 100 ألف نسمة وانهارت العديد من أبنيتها متعددة الطوابق على ضفاف مجرى النهر فيما اختفى ناس ومنازلهم ومركباتهم في المياه.
وقال شهود عيان إن منسوب المياه وصل إلى الطوابق الخامسة لعدد من البنايات، مشيرين إلى أن السيول حملة الجثث إلى أماكن بعيدة.
وفيما يتفاقم القلق الدولي حيال الكارثة، قدّمت دول عدّة مساعدات عاجلة وأرسلت فرق إنقاذ لمساعدة الدولة التي تعاني من الحروب وتعصف بها ما وصفها مسؤول من الأمم المتحدة بـ”نكبة بأبعاد أسطورية”.
وفي مناطق أخرى من شرق ليبيا، أعلن المجلس النروجي للاجئين الثلاثاء بأن “قرى بأكملها غمرتها الفيضانات وتواصل حصيلة القتلى الارتفاع”.
وأضاف “عانى السكان في أنحاء ليبيا من سنوات من النزاعات والفقر والنزوح. ستفاقم الكارثة الأخيرة حدة الوضع بالنسبة لهؤلاء. ستضغط على المستشفيات ومراكز الإيواء”.
وتواجه عمليات الإنقاذ تعقيدات بسبب الانقسام السياسي في ليبيا، فحكومة الوحدة الوطنية المعترف بها دوليا تتمركز في طرابلس في الغرب، بينما تقع درنة في المنطقة الشرقية وتخضع لإدارة حكومة موازية تسيطر عليها قوات الجيش الليبي بقيادة خليفة حفتر.
وقال عبدالحميد الدبيبة رئيس حكومة الوحدة الوطنية الثلاثاء إن الفيضانات كارثة غير مسبوقة. ودعا محمد المنفي رئيس المجلس الرئاسي الليبي إلى الوحدة الوطنية.
وما زالت ليبيا الغنية بالنفط تتعافى من سنوات من الحرب والفوضى التي أعقبت انتفاضة شعبية دعمها حلف شمال الأطلسي عام 2011 أطاحت بزعيمها معمر القذافي.
ووصلت فرق إنقاذ من تركيا إلى شرق ليبيا، بحسب السلطات. كما عرضت الأمم المتحدة وعدة بلدان بينها الجزائر ومصر وفرنسا وإيطاليا وقطر وتونس إرسال مساعدات.
وسترسل فرنسا مستشفى ميدانيا وحوالي 50 عنصرا عسكريا ومدنيا يمكنهم علاج 500 شخص يوميا، بحسب ما أعلنت باريس الثلاثاء.
وأطلقت الأمم المتحدة اليوم الأربعاء حملة تبرعات بعنوان “الاستجابة لفيضانات ليبيا” لجمع مبلغ 10 ملايين دولار تخصصها لمساعدة المتضررين من الفيضانات في ليبيا.
وذكرت المنظمة الدولية عبر موقعها الإلكتروني الرسمي، أنه “في 12 أيلول/سبتمبر تسبب إعصار دانيال بأضرار واسعة في شمال شرق ليبيا، حيث دمر آلاف المنازل وأودى بحياة الآلاف وما زال ما لا يقل عن 10 آلاف شخص آخرين في عداد المفقودين”.
وتابعت “يرجى التبرع الآن، ستذهب مساهمتك إلى صندوق الأمم المتحدة المركزي لمواجهة الطوارئ (CERF)، الذي خصّص على الفور 10 ملايين دولار للمساعدة العاجلة المنقذة للحياة للمجتمعات المتضررة في ليبيا”.
وبحسب الإعلان نفسه، “يمكّن الصندوق المستجيبين من تقديم المساعدة كلما وحيثما تضرب الأزمات ويتم تجميع المساهمات من جميع أنحاء العالم في صندوق واحد وتخصيصها في المراحل الأكثر أهمية لحالات الطوارئ”.
ميدل إيست أون لاين