حميدتي يقطع الطريق على الفتنة بالحوار وعدم التصعيد
قطع نائب رئيس مجلس السيادة السوداني قائد قوات الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان دقلو المعروف باسم حميدتي الجمعة، الطريق على كل مساعي الفتنة ومحاولات تأجيج الخلاف مع قيادة الجيش، معلنا التزامه بعدم التصعيد وأبدى استعداده للقاء رئيس المجلس الفريق أول عبدالفتاح البرهان، وفق بيان لمجموعة من المسؤولين السودانيين من بينهم قادة فصائل أخرى شبه عسكرية. وأظهر حمدتي قدرة عالية على ضبط النفس والتعامل مع الأزمة الناشئة بعدم انخراطه في أي استفزازات وتعامله مع التوتر الأخير برصانة.
وقالت مصادر مقربة للبرهان ودقلو اليوم الجمعة إنهما ما زالا على خلاف حول من سيتقلد منصب القائد العام للجيش خلال فترة الاندماج التي ستمتد عدة سنوات. وتقول قوات الدعم السريع إن القائد ينبغي أن يكون الرئيس المدني للدولة وهو ما يرفضه الجيش.
وبعد أن ظهر تفاقم الخلاف بين الجانبين على السطح أمس الخميس، تقدم عدد من الأطراف على الصعيدين المحلي والدولي بعروض للوساطة، منهم وزير المالية جبريل إبراهيم وحاكم إقليم دارفور مني مناوي وعضو مجلس السيادة مالك عقار، وهم ثلاثة من قادة المعارضة السابقين الذين تقلدوا مناصب بعد اتفاق السلام في عام 2020.
وقال الثلاثة في بيان “بعد حوار صريح وجاد، أكد لنا الأخ القائد دقلو التزامه التام بعدم التصعيد واستعداده للجلوس مع أخيه رئيس مجلس السيادة وإخوته في قيادة القوات المسلحة السودانية في أي وقت ومن غير قيد أو شرط بغية الوصول إلى حل جذري للأزمة يحقن الدماء ويحقق الأمن والطمأنينة للعباد والبلاد”.
وقالت مصادر بالجيش لرويترز إنه من أجل تهدئة التصعيد، يجب على قوات الدعم السريع سحب قواتها من مروي وأن تكون تحركاتها بالتنسيق مع الجيش وضمن الحدود القانونية.
وكانت مصادر عسكرية قد قالت لرويترز إن قوات الدعم السريع بدأت في إعادة نشر وحدات في العاصمة الخرطوم وأماكن أخرى وسط محادثات جرت الشهر الماضي. وتصاعد التوتر أمس الخميس بعد نقل بعض قوات الدعم السريع بالقرب من مطار عسكري بمدينة مروي في شمال البلاد في خطوة قال الجيش إنها اتُخذت دون موافقته، بينما تنفي قوات الدعم صحة ما نسب إليها من تحركات.
وتأتي هذه التطورات بينما اتهمت قوى الحرية والتغيير وهي التحالف الرئيسي المؤيد للديمقراطية في السودان فلول نظام الرئيس المعزول عمر البشير الذي أُطاح به الجيش عام 2019، بتأجيج الخلاف بين القوات المسلحة وقوات الدعم السريع، مما يقوض الانتقال إلى حكومة مدنية.
انكفأ الإسلاميون المؤيدون للبشير لنحو عامين قبل عودتهم قبل أشهر قليلة للشارع مستغلين تنامي الأزمة بعد انقلاب البرهان على الشركاء المدنيين في الحكم
وحتى قبل الخلافات الأخيرة بين قيادة الجيش وقيادة قوات الدعم السريع، تتحرك فلول النظام السابق لجهة استعادة السيطرة على الشارع وحاولت استغلال الأزمة الاجتماعية لإشعال الجبهة الاجتماعية والدفع كذلك نحو الصدام الداخلي بين مختلف المكونات بما فيها العسكرية، ما يفتح الطريق سالكة لتقفز بقايا النظام السابق إلى السلطة.
وانكفأ الإسلاميون المؤيدون للبشير لنحو عامين وعادوا للمحاضن الاجتماعية من خلال التركيز على العمل الدعوي والإنساني، لكنهم عادوا قبل أشهر قليلة للشارع مستغلين تنامي الأزمة خاصة بعد انقلاب قائد الجيش رئيس مجلس السيادة الانتقالي عبدالفتاح البرهان على الشركاء المدنيين في الحكم، وهو الانقلاب الذي وصفه نائب رئيس مجلس القيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو بأنه كان”خطأ”. وحذر الجيش أمس الخميس من مواجهة محتملة بين قواته وقوات الدعم السريع، الأمر الذي سلط الضوء على خلافات قائمة منذ فترة طويلة.وسرعان ما جاءت مجموعة من عروض الوساطة والتقى ممثلون عن جهات محلية ودولية بقائد الجيش الفريق أول عبدالفتاح البرهان وقائد قوات الدعم السريع دقلو الشهير بـ’حميدتي’، اللذين يشغلان منصبي رئيس مجلس السيادة ونائبه.
وقالت قوى الحرية والتغيير وهي ائتلاف مكون من أحزاب مؤيدة للديمقراطية في بيان “المخطط الحالي هو مخطط لفلول النظام البائد يهدف لتدمير العملية السياسية”.
وشاركت قوى الحرية والتغيير في اتفاق لتقاسم السلطة مع الجيش بعد الإطاحة بالبشير إلى أن حدث انقلاب آخر في عام 2021 عندما أطاح الجيش وقوات الدعم السريع بالقيادات المدنية واستوليا على السلطة.
وتحولت قوات الدعم السريع من قوة قاتلت في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين التمرد في دارفور، إلى منظمة شبه عسكرية لديها تعمل تحت تسلسل قيادة خاص بها.
وأدت الخلافات بين الجيش وقوات الدعم السريع حول إصلاح ودمج قواتهما إلى تأخير التوقيع النهائي على اتفاق سياسي من شأنه أن يعيد الحكومة المدنية.
وقالت قوى الحرية والتغيير إنها عقدت الأسبوع الماضي “سلسلة من الاجتماعات مع المكون العسكري”، لكن تم “التوصل لنتائج لم تنفذ”، مضيفة أنهم ما زالوا على اتصال.
عناصر ما يسمى بالمؤتمر الوطني المحلول والساقط بأمر ثورة ديسمبر المجيدة تعاود الظهور للسطح وممارسة النشاط العلني الإجرامي وخلق الفتن
ويقول قادة الحرية والتغيير إن من أبرز أهداف تشكيل حكومة مدنية جديدة هو تطهير القطاع العام من الموالين للبشير الذين عاودوا الظهور بعد انقلاب أكتوبر/تشرين الأول 2021.
وخلال حكم البشير الذي استمر لثلاثة عقود، كان للموالين لحزب المؤتمر الوطني أولوية في شغل المناصب بالحكومة والجيش.
وقالت الأطراف المدنية في الاتفاق المعلق في بيان منفصل أمس الخميس إن عناصر حزب المؤتمر الوطني يسعون بشكل حثيث “لإثارة الفتنة بالوقيعة بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، ودق طبول الحرب” ليتسنى لهم العودة للسلطة.
قال عدد كبير من المواطنين إنهم باتوا يشعرون بالخوف مع الحديث عن مواجهة محتملة بين الجيش وقوات الدعم السريع ومشاهدة العربات المدرعة والشاحنات العسكرية في شوارع الخرطوم.
وانضمت قوى الحرية والتغيير، التحالف المدني الرئيسي في السودان، إلى لجان المعارضة المؤيدة للديمقراطية والنقابات العمالية في إلقاء مسؤولية التصعيد الحالي على حزب المؤتمر الوطني المنحل في السودان الذي كان يرأسه البشير والذي لا يزال له وجود داخل الجيش.
وقالت في بيان مشترك مع قوى المعارضة “عناصر ما يسمى بالمؤتمر الوطني المحلول والساقط بأمر ثورة ديسمبر المجيدة تعاود الظهور للسطح وممارسة النشاط العلني الإجرامي وخلق الفتن”.
وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، قال مسؤول في حزب المؤتمر الوطني المنحل إن الحزب يزيد من تحركاته للوقوف في وجه هذا الاتفاق المعلّق.
وشاركت قوى الحرية والتغيير في اتفاق لتقاسم السلطة مع الجيش وقوات الدعم السريع بعد الإطاحة بالبشير، ولكن الانقلاب العسكري على الحكومة المدنية في أكتوبر/تشرين الأول 2021 أتاح فرصة لعودة أنصار البشير إلى الحياة العامة مرة أخرى.
وقال حميدتي إن عودة أنصار البشير للساحة جعلته نادما على الانقلاب ودفعته لدعم الاتفاق لبدء مرحلة انتقالية جديدة.
ويرى محللون أن الرغبة في الحد من انتشار الإسلام السياسي هي الدافع وراء الدعم الأجنبي للاتفاق الذي توسطت فيه قوى غربية وخليجية وكذلك الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي.
وقالت مولي في. مساعدة وزير الخارجية الأميركية في بيان “يتعين على القادة العسكريين في السودان تهدئة التوترات، كما يتعين على أصحاب المصلحة الانخراط بشكل بناء لحل القضايا العالقة والتوصل إلى اتفاق سياسي”.