خطة كيري لسوريا هي مألوفة بشكل مؤسف (ترودي روبن)
ترودي روبن
أعان الله جون كيري! وزير الخارجية المعين حديثا أعلن بالفعل أنه سوف يطلق مبادرة جديدة تهدف إلى إنهاء حكم الرئيس السوري بشار الأسد.
في الربيع الماضي، حين كان سيناتور. بدا كيري وكأنه يستوعب ما هو المطلوب لكسر الجمود القاتل. لكن نهجه الحالي، والكراهية العميقة لدى البيت الأبيض تجاه أي تورط أمريكي خطير في سوريا، يعني أن كيري يحاول إنجاز مهمة مستحيلة.
قبل أن أصل إلى نهج كيري، دعوني أذكركم لماذا يهمنا كل ذلك. على الرغم من توقعات البيت الأبيض المبكرة بأن الأسد سيسقط، فقد غرق الصراع السوري في مأزق دموي لقي فيه أكثر من 70000 شخص حتفهم فيما يجري تدمير البلاد. إذا لم يتم إيجاد نهج جديد، ليس من المرجح انتصار أحد من الطرفين في المستقبل المنظور.
"النتيجة الأرجح"، وفقا للناشط المخضرم من المعارضة السورية عمرو العظم، "هو انهيار وتفكك الدولة"، وربما إبادة جماعية طائفية. مما يمكن أن ينعكس سلبا على تركيا ولبنان والعراق والأردن وإسرائيل.
سيكون من شأن دولة سورية فاشلة أن تؤدي إلى حدوث فراغ في السلطة يعبر من خلاله جهاديو الخارج، مما يسمح لهم بجر الإسلاميين المحليين نحو التطرف وامتلاك أسلحة خطيرة من مستودعات أسلحة النظام التي يستولون عليها. وعند انهيار الدولة – كما نعرف من تجربة العراق – يغدو من الصعب جدا إعادة البناء.
عودة إلى كيري. هو يدرك تماما هذا الخطر، وقد حذر الأسبوع الماضي من "انهيار" الدولة السورية.
كيري يدرك أيضا لماذا لن يتزحزح الأسد. قال كيري في جلسة تعيينه "يعتقد (الأسد) أنه يفوز والمعارضة تخسر". وأضاف "نحن بحاجة إلى تغيير حسابات بشار الأسد".
مدعوما ومسلحا من قبل إيران وروسيا، ومدركا أن واشنطن لن تقدم للثوار أسلحة حاسمة مضادة للدبابات أو للطائرات، يبدو الأسد واثقا من قدرة نظامه على مواصلة القتال. وكذلك موسكو.
في حين تمكن الثوار من السيطرة على بعض المناطق الريفية، لم تسقط أي مدينة في أيديهم حتى الآن. يقول عامر العظم "يرى الأسد في حساباته أنه يحتاج فقط إلى الصمود في وجه العاصفة". "وقد لا يكون بالضرورة مخطئا".
يعتقد كيري مع ذلك أنه يمكن تغيير "التصور الحالي" للأسد، وتيسير محادثات بين الأسد والثوار تقدم للرئيس منفى مريحا وتوفر الحماية لطائفته العلوية (الشيعية). يأمل الوزير كذلك أن يجد مزيدا من "المساحات المشتركة" حول سوريا مع موسكو، على الرغم من فشل جهود الإدارة في السابق.
لا توجد دلائل على تجاوب موسكو. فبعد ثلاثة أيام من اتصال كيري بوزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الثلاثاء، لم يعد لافروف الاتصال. كذلك الأسبوع الماضي، رفض نظام الأسد عرض زعيم المعارضة معاذ الخطيب للدخول في محادثات. شعور الأسد بعدم الحاجة إلى تقديم تنازلات واضح جدا.
إذا كيف تتغير "حسابات" الأسد؟ يقول العظم "لجر النظام إلى التفاوض، عليك أن تضعفه". يعتقد العظم بأن على الولايات المتحدة أن توفر دعما أكثر وضوحا للمعارضة السورية، بما في ذلك تمويلا لمجلس مدني جديد للمعارضة وأسلحة لمجلس عسكري جديد للمعارضة غير الجهادية.
كما نعلم الآن، أوصت وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون ورئيس CIA (وكالة الاستخبارات المركزية) السابق ديفيد بتريوس بخطة الصيف الماضي لتجنيد وتدريب مجموعات معينة ومقاتلين من الثوار. اعتقدت الوكالة على ما يبدو أن لديها ما يكفي من المعلومات عن
قادة الثوار لتقدم على خطوة كهذه. وزير الدفاع ليون بانيتا ورئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال مارتن ديمبسي دعما خطة كلينتون وبتريوس.
ومع ذلك، رفض أوباما فكرة فريق الأمن القومي. ومنذ إعادة انتخابه، أكد بوضوح عدم رغبته في النظر بأي تدخل أعمق في سوريا يتجاوز المساعدات الإنسانية.
في طريق عودته من كابول الأسبوع الماضي على متن طائرة النقل العسكرية C-17، سألت ديمبسي عن سبب موقفه الإيجابي تجاه فكرة تسليح الثوار. قال ديمبسي: "على المستوى المفاهيمي، اعتقدت أنه إذا كانت هناك طريقة لحسم الموقف العسكري" ربما يمنع ذلك انهيار مؤسسات سوريا.
أضاف ديمبسي: "الدولة الفاشلة تعرف بانهيار مؤسساتها"، مؤكدا أن "هناك تعقيدات هائلة ما زال يتوجب علينا حلها". وتشمل تحديد أي قيادات المعارضة سيلتزم بحكومة تمثيلية وبالحفاظ على مؤسسات المعارضة.
وقال "لست مرتاحا للقول بأننا وصلنا في أي وقت مضى إلى مرحلة يمكن أن توصف بالوضوح. أعتقد أننا "لا زلنا في عمل مستمر". في ظل ذلك يواصل كيري محاولته لإنجاز مهمته بأدوات قليلة لمنع دولة سورية فاشلة.
قام النشطاء السوريون بشكل متكرر بتقديم خطط لتحديد وتجنيد زعماء المعارضة المعتدلين، ورصد تسليم الأسلحة المضادة للطائرات والمضادة للدبابات. وهذا من شأنه أن يعوض أسلحة وفيرة تتدفق من الخليج العربي إلى الجماعات الجهادية تمكنهم من قيادة القتال، وتمكن المعارضة من كسر الجمود العسكري.
تحدث كيري في الربيع الماضي عن تسليح الثوار. الآن، بدلا من استرتيجية جديدة، يبدو أنه اقتصر على تكرار الجهود (الفاشلة) السابقة، وحث موسكو على مساعدته في تسهيل طريق الأسد نحو المنفى. في غضون ذلك، تقصف طائرات النظام المدن والبلدات محولة إياها إلى أنقاض، والدولة السورية تنهار بسرعة. كلما استمر ذلك، زادت النتيجة سوءا.
قال ديمبسي للصحفيين على متن الطائرة: "على حد علمي لم يتم استبعاد أي خيار من الطاولة بشكل نهائي". ومع ذلك، لا توجد مؤشرات على أن أوباما سيعيد النظر في خيار كسر الجمود العسكري السوري. وهذا يعني أن الأسد سوف ينهار كما ستنهار سوريا.
ذا فيلادلفيا إنكويرر