خفقة القلب 42
نوافذ الفرح مغلقة ،ما أصعب مصارعة الوقت حين يكون الحزن، فكما أن النار تلد الرماد ، فإن الحزن يلد الدموع! تنتابني موجات بكاء عاصف وعصبية، أضمُ عيناي على الدموع بقوة لتنام معي ، يختنق صوتي بالدموع ، أغطي وسادتي بدموعي، وحدي أرى دموع الأشياء حولي ، وحدي تبكي كل حواسي ويبكي الصمت معي !
لا أريد أن ألقي بأحزاني على أحد، أوصي نفسي بالصبر ،لا أريد تلقي النصائح من أحد. أجلس وحيداً كحديقة قُطفت كل أزهارها ،أغلقُ على نفسي باب غرفتي التي تنبعث منها رائحة الصمت وأسكب دموعي في جدرانها ،أغرق في صمتي، أقاوم سيل الذكريات الذي أخذ يتدفق بقوة..
بعض اللحظات لا نعرف قيمتها إلا عندما تعود إلينا على شكل ذكريات .. ليس الفراق ما يوجع ، بل الذكريات التي تتبع ! مرّ شريط الحياة أمامي، صور من الذكريات البعيدة، لملمتُ دموعي ، وأبقيتُ جرحي يقظاً دامياً ملتهباً، ودخلتُ في ثرثرة طويلة مع نفسي!
أنهض من تحت أنقاض الحلم ، أفتش في صندوق الذكريات ، أفتح ذاكرتي وأدعوها إلى الجلوس على طرف سريري ، أقصُّ عليها من أنباء نفسي بعض ما حلّ بي، أسكب نفسي على الورق ، أكتب عن أحزاني اضطراراً، مأساة الحب الكبير ليست في موته صغيراً، بل في كونه بعد رحيله يتركنا صغاراً! لدي رغبة شديدة في البكاء ، كم كنت أعتقد بأن النساء وحدهم يبكون ، وأن الرجال لا يبكون من أجل الحب !
تشتهي روحي الرحيل ، تتملكني فكرة الموت العاجل ، كان لي موعد مع الموت لكنه لم يحضر. أصطحب الموت ، يعيش معي وأمضي إليه، هو الموت ذهاباً وغياباً أبديين ، أصبح الفارق بين الموت والحياة بسيطاً ، حياتي لم يعد فيها سوى هذا القليل من الزمان وأصير كفناً بلا جيوب، وعليّ أن أستعجل اللحاق بجنازتي خشية أن تبدأ من دوني !