خفقة القلب 56
أقاوم دموع الشكوى ، أدلق كلماتي على الورق بحبر من دم قلبي، لعلّي أداوي الروح بالكلمات ولا أدري كيف صففت حروفها ، أنظر إلى شفاه الحروف فأراها مشققة تتحرك يمنة ويسرة تحاول ارتداء الكلمات وهي حزينة، أنسج الكلمات لأدثّر بها سطور صفحاتي العارية.
الكلمات تنبض وتتكلم بلسانها والحروف تتنهد! أراها تجلس على ركبة الكلمات وتستحم على ضفافها وبين شواطئها، فتسترّد الحروف والكلمات روحها التي غادرتها منذ زمن بعيد .. وأقول: أيها النسيم الساري في رقة الروح أرسل إليّ بغبار من بيتها ولو بقليل منه فإن في ذراته رائحة أنفاسها وحبها.
طال الغياب .. الأيام أصبحت أسابيع ..الأسابيع تتالت فأصبحت أشهراً.. والأشهر توالدت فأصبحت سنوات .. ومضت السنوات .. تلك الأيام المترهلة من السنين.. ما زلتُ أكبرها بعشرين حباً وانحناءة خفيفة في أحلامي وفي ظلي !
صرتُ طاعناً في الحب ، بقي حبها مشتعلاً في قلبي فقط ثلاثون عاماً وبعض قرون وبعض نظرات ، أحملها بخيالي طيلة تلك السنوات ،وأراها تسكن حبة عيني وجوف فؤادي! لا أحسب شوقي إليها بدورات الكواكب في أفلاكها ، فقد تلاشت مقاييس الزمن ..
لم يتوقف قلبي عن حبها طيلة تلك السنين التي دفنتها من حياتي.. حب العمر الذي جمع بيننا قد يتجمد بجليد الفراق والزمن ، لكنه لا يموت أبداً إلا بموت القلب الذي أحبها ،مازال حبها يسري في دمي ، ومازال قلبي محتفظاً بكل المشاعر الجميلة والذكريات الجميلة التي عرفتها معها، تلك الذكريات ومشاعر الحب لا يمكن أن يقهرهما الزمن..لأنهما أقوى من الزمن.
نفذ زادي من الأمل والصبر ..لم تعد كلماتي المنهكة تسعفني ..إنها الوحيدة التي عاشت في مخيلتي.. لم ينتزعها مني الزمن..مازالت محفورة في قلبي ووجداني ..قلبي لم يتوقف عن حبها.. فمازال لها مكان فيه لا يملكه سواها.. الحب الذي عرفته لا يمكن أن يتكرر في حياتي مرة أخرى!