خفقة القلب 57
ما زلت أشم رحيق تلك السنوات ..ما زلت حين أذكر اسمها تهطل الكلمات والحروف غزيرة على الورق.. مازال وجهها لا يغيب عن مخيلتي، يطوف بعيني ، ومازال الشوق يحملني إليها والقلب يشتاقها..
مازلتُ أحبها ومازالت تسكن في عيني رغم الشعر الأبيض الذي زحف إلى رأسي وتجاعيد الزمن التي تسللت إليّ وتركت آثارها على وجهي.
مازالت ذاكرتي تمتلئ بالتفاصيل معها ولم تتبخر منها، رغم تسلل الشيب إلى رأسي وتشابك خطوط التجاعيد على تضاريس وجهي وأطرافي، فالمشاعر ترفض أن تمثل لأحكام العمر.
مازال الحنين إلى الماضي يداعب مخيلتي..هكذا يمضي العمر ولكنه لا يعود أبداً. أصرّ الشيب على زرع ثلوجه البيضاء في كل زاوية من زوايا رأسي، ورسم الزمن على وجهي تعاريج جديدة، ولم يبق زيت لفانوس عمري، لكني ما زلت على قيد الحب ، أتنفس هواءها ،وأوتار قلبي تئن شوقاً إليها!
إنها ليست لي ولكني أحبها لأبقى في جسدي، وسأظل أحبها حتى تطلق الروح سراحي. الغريب في طبع البشر أنه مهما مرّ العمر علينا نرى من نحب في نفس العمر الذي رأيناه فيه أول مرة ، حتى وإن تقدم بنا العمر وتجعدت بشرتنا وضعف نظرنا وانحنى ظهرنا وشاب شعرنا، نراه صغيراً مبتسماً جميلاً كما رأيناه يوم النظرة البكر!
قد يتغير كل شيء فينا ، كما يتغير كل شيء حولنا، لكن أشواقنا كثيراً ما تعاودنا. يقولون : إن الذي يغيب عن العين ينساه القلب، ليقل الناس ما يحلو لهم، لا يعنيني ما يقولون.. هي غابت عني ولكني لن أنساها.. كيف أنسى تفاحة قلبي ؟
أعصر عنب ذاكرتي فأشعر بحنين إلى ذكريات عشتها معها ..إلى ماض استهواني أكثر من هذه الأيام التي أعيشها !