درجات الحرارة تحافظ على مسارها الجنوني!

حافظت درجات الحرارة العالمية على مسارها الجنوني في شهر نيسان (أبريل) المنصرم، مسجلة مستويات مرتفعة بشكل استثنائي، ما يعزز القلق من أنّ الأرض قد تكون دخلت مرحلة «الاحترار المتسارع»، وسط تساؤلات علمية حول الأسباب الفعلية وراء هذا التدهور المناخي الذي تجاوز توقعات النماذج المناخية نفسها.
ثاني أكثر نيسان حرارة إطلاقاً
بحسب بيانات مرصد «كوبرنيكوس» المناخي الأوروبي، احتل نيسان (أبريل) الماضي مرتبة ثاني أكثر شهور نيسان حرارة إطلاقاً، مباشرة بعد سلفه في عام 2024. كما إنّ جميع الشهور تقريباً منذ تموز (يوليو) 2023 سجّلت درجات حرارة تفوق 1.5 درجة مئوية مقارنة بمعدلات ما قبل الثورة الصناعية، ما يجعل هذه الظاهرة شبه مستمرة منذ عامين، خلافاً للتوقعات التي كانت تشير إلى تراجع مؤقت بعد انحسار تأثير ظاهرة «النينيو».
ظاهرة طبيعية أم تغيّر هيكلي؟
التحوّل الأبرز الذي يثير قلق العلماء ليس فقط في تجاوز درجات الحرارة للأرقام القياسية، بل في استمرار التسارع من دون وجود مبررات مناخية معروفة. فحتى العلماء الذين وضعوا نماذج التوقعات المناخية السابقة باتوا يعترفون بأنّ الكوكب يعيش على حافة النطاق الأعلى لتلك النماذج.
وبحسب مدير معهد «بوتسدام»، يوهان روكستروم، فإنّ استمرار هذا المعدل المرتفع من دون انقطاع يُعد «مؤشراً مقلقاً جداً» على دخول مرحلة جديدة يصعب التنبؤ بمسارها.
الاحترار يقترب من 1.5 درجة
وفقاً لبيانات أولية لمجموعة من خمسين عالماً بقيادة البريطاني بيرس فورستر، بلغ متوسط الاحترار العالمي عام 2024 نحو 1.36 درجة مئوية، فيما قدّره «كوبرنيكوس» بـ1.39 درجة. وفي كلا الحالتين، فإن العتبة الرمزية لاتفاق باريس، 1.5 درجة فوق معدلات ما قبل الثورة الصناعية، أصبحت قاب قوسين أو أدنى، ويُرجّح بلوغها بشكل مستقر بحلول عام 2029.
كل عُشر درجة يضاعف الكوارث
في هذا السياق، يؤكد علماء المناخ أن الفارق بين 1.5 و2 درجة مئوية ليس تفصيلياً، بل يعني مضاعفة موجات الجفاف، والحرائق، والفيضانات. وبحسب الباحث في «المركز الوطني الفرنسي للبحوث العلمية»، جوليان كاتيو، إنّ كل عُشر من درجة مئوية يُترجم إلى أضعاف الكوارث المناخية، سواء في مدّتها أو شدّتها أو عدد ضحاياها.
هل تغيّر شيء في آليات التبريد الطبيعية للكوكب؟
رغم اتفاق المجتمع العلمي على أن حرق الوقود الأحفوري هو السبب الرئيسي وراء الاحترار، إلا أن هناك اهتماماً متزايداً بدراسة العوامل الأخرى التي تُسرّع أو تُبطئ هذا المسار، مثل:
- تغيّر تكوين السحب وتأثيرها في عكس أشعة الشمس.
- انخفاض مستويات التلوث الجوي، الذي كان يسهم في حجب جزء من الإشعاع الشمسي.
- تراجع قدرة الغابات والمحيطات على امتصاص الكربون نتيجة الإجهاد البيئي.
الأرض في سياقها الزمني الطويل
تُظهر «أرشيفات المناخ» مثل نوى الجليد ورواسب قاع المحيط، أن الوضع الحالي غير مسبوق منذ أكثر من 120 ألف عام، ما يعني أن البشرية تدخل مدة غير معهودة في تاريخها الطبيعي، وهو ما يستدعي إعادة النظر في النماذج السياسية والاقتصادية التي تحكم علاقتها بالمناخ.
صحيفة الأخبار اللبنانية