دُعابة لافروف وسُخريته اللّاذعة التي لن تُضحِك ترامب مُطلقًا.. هل يتدخّل الرباعي الصيني الروسي الإيراني الكوري في الانتِخابات الأمريكية فِعلًا؟ ولماذا يُوجّه الرئيس الأمريكي هذه الاتّهامات مُسبقًا وقبل 50 يومًا مِن مَوعِدها؟
الرّوس غير معروفين بخفّة الظّل، ورُوح الدّعابة، ويتربّعون على المرتبة الأولى لقائمة تضم العديد من الشّعوب، مِثل الالمان والأتراك ومُعظم العرب، ولكن سيرغي لافروف وزير الخارجيّة الروسي، كسَر هذه القاعدة يوم أمس عندما قال ساخِرًا في ردٍّ على اتّهامات لبلاده والصين وإيران وكوريا الشماليّة في التدخّل في الانتخابات الرئاسيّة الأمريكيّة، أنّ بلاده، أيّ روسيا تشعر بالإهانة كونها مُصنّفة في المرتبة الثانية بعد الصين على قائمة هذه الاتّهامات الأمريكيّة أثناء مُؤتمر صحافي عقده مع نظيره الصيني.
هذه الاتّهامات الأمريكيّة التي تَقِف خلفها إدارة الرئيس دونالد ترامب عبر شركة “ميكروسوفت” العِملاقة، تستحق السّخرية فِعلًا، فإذا كانت الولايات المتحدة الدّولة الأعظم في العالم، والأكثر تقدّمًا في مجالات التّكنولوجيا الرقميّة، بل هي التي اختَرعتها، لا تستطيع حِماية انتخاباتها من تدخّلاتٍ خارجيّة، ومِن دول من المُفترض أنّها تأتي مراتب دُنيا بالنّسبة إليها، فإنّ هُناك أجندات خفيّة تَكمُن حتمًا خلف هذه الاتّهامات وتوقيت إطلاقها.
غريب أن تصدر هذه الشّكوى، وما تَحمِله من اتّهاماتٍ عن الولايات المتحدة التي لا تتدخّل حُكوماتها في انتخاباتِ الدّول الأُخرى، وبشكلٍ مُباشرٍ، وإنّما أيضًا تغزو دول وتحتل أُخرى، وتُغيّر أنظمة، وتُسقِط حُكومات، وتدعم ديكتاتوريّات، وتستخدم الحِصارات الاقتصاديّة ورقةً في هذا الإطار، والعُقوبات المفروضة على روسيا والصين وإيران وكوريا الشماليّة الدّول المُتّهمة أحد الأمثلة في هذا المِضمار.
ليس هُناك إلا تفسيرًا واحدًا لمِثل هذه الاتّهامات وتوقيت إطلاقها المُبكر، أيّ قبل حواليّ 50 يومًا من بدء الانتخابات (3 تشرين ثاني المُقبل)، وهو أنّ الرئيس ترامب المُرشّح الجمهوري بات أكثر ارتباكًا مع اقتِراب الموعد، وإجماع جميع استِطلاعات الرأي على تخلّفه بعشر نقاط على الأقل أمام خصمه الدّيمقراطي جو بايدن، وبات يبحث عن عُذرٍ للادّعاء بتزوير نتائج صناديق الاقتِراع المُتوقّع من قِبَلِه في حال فَشَلِه، وخلق أزمة سياسيّة وربّما حرب أهليّة.
النّفي الرباعي الصيني والروسي والإيراني والكوري الشمالي لهذه المزاعم والاتّهامات الأمريكيّة المُوجّهة إليهم، لن يُفيد في ظِل الإمبراطوريّة الإعلاميّة الأمريكيّة الهائلة، وعلى هذه الدول وضع خِططها وحِساباتها مُنذ الآن لمُواجهة السّيناريو الذي يَعُدّ له ترامب في مرحلةِ ما بعد سُقوطه المُفترض، وانعِكاس هذا السّقوط وما يترتّب عليه على أمن العالم واستِقراره.
صحيفة رأي اليوم الألكترونية