ذكريات الطفولة (5)
أستعيد ذكرياتي اللطيفة..إنه الحنين إلى طفولتي وشبابي، إلى أيام العيد حين كنت أرتدي ثوب العيد اليتيم الذي كان لأخي الأكبر بعد أن ضاق على جسده، أحمل حذائي الجديد ،أنام وأنا ممسك به وأضعه تحت وسادتي إلى أن يستيقظ صباح العيد تشوقاً إلى لبسه في ليلة العيد حيث جفاني النوم وأصابني أرق شديد، تقلّبت على فراشي طويلاً مع أنني كنت بحاجة إلى النوم ، كان رقادي خفيفاً، طافياً ، تكفي النسمة كي توقظني ،لكن النسمة حين توقظ إنساناً تبعث فيه شعوراً بالراحة !حينها استيقظت باكراً بينما كان الآخرون يغطون في نوم عميق مستسلمين لأحلامهم.
أمضيت شبابي أنهل العلم الذي حرص والديّ على أن أنعم به مع أخوتي، بدأت رحلتي المضنية وراء العمل خلال سنوات الجامعة الخمس ،اشتغلت فاعل بأجر يومي وحملت أكياس الرمل والاسمنت، وكم كنت أشكو من تشقق كفي من الاسمنت والرمل والحجارة !
إنه العودة إلى أيام دراستي الأولى ، إلى صوت جرس المدرسة وعذوبته، إلى حياتي الجامعية، إلى أول وظيفة عمل ، إلى رغيف خبز ساخن يخرج من التنور، إلى البقالية التي كنت أقف بجانبها ، إلى الطريق الحجري الذي كان يسكن بجوار بيتي، إلى حارات وأزقة كبرتُ فيها ودفنت شقاوتي، إلى صاحبة النظرة الأولى التي قطفت بكارة حبي ، إلى بداية زواجي ، إلى نشأة أولادي ، إلى حارتي وبنات جيراني ، إلى زهور الياسمين التي تتفتح في سكون الليل.