روسيا و سورية، بين الحرائق و التسوية : تباين أم خلاف ؟!
بوابة الشرق الأوسط الجديدة
يتساءل السوريون، حول عدم مبادرة روسيا إلى المساعدة في إطفاء حرائق الساحل السوري. و يحمل هذا التساؤل الشعبي الكثير من العتب على حليف يثقون به وبمواقفه المساندة لسورية، في إستعادة عافيتها ونشاطها، بعد حرب إرهابية عاتية كان لروسيا الدور الكبير في الاقتراب من الإنتصار فيها .
و تزداد حيرة السوريين تجاه عدم إقدام روسيا على المشاركة في إطفاء الحرائق مع ما يتردد في الإعلام المعادي من قيامها، بمشاركة الجهات التركية بإطفاء حرائق نشبت في لواء إسكندرون . يخشى السوريون أنه إذا صحت هذه الأنباء أن يكون هناك ( تغير روسي ما ) تجاههم، خاصة وأن الإعلام الغربي والعربي المضاد، يركز على هذه الفكرة منذ شهور بينما يستمر السوريون برفض تصديقها . لكن الحرائق أشعلت فيما أشعلت التساؤل والحيرة لدى السوريين .
هناك من يروج، طبعاً في الإعلام العدو لسورية وروسيا، أن هناك خلافاً بين دمشق وموسكو، حول ما قاله لافروف ويردده منذ شهر من أن ( الحرب بين الحكومة السورية والمعارضة أنتهت ) . و رغم أن لافروف أسس لهذه العبارة الموقف بضرورة الالتزام بوحدة و إستقلال الأرض السورية واستعادة السيادة الكاملة عليها، الأمر الذي يجعل هذا الموقف ( إنتهاء الحرب مع المعارضة ) مشروط باستعادة السيادة على الأرض السورية كاملة . كما أن لافروف، عندما قال هذا الموقف في دمشق، أعقبه و أكمله بأن ( للحكومة السورية الحق باستكمال القضاء على الإرهاب ) . و كما تصنف روسيا النصرة و أنصار الدين والسلطان مراد و .. و .. إلخ إرهابيين , فهم يسيطرون على أدلب , و بالتالي الحرب معهم لم تنته حسب لافروف.
قد يكون هناك تباين بين دمشق وموسكو حول بعض المسائل، وهذا طبيعي بين الحلفاء . و الواضح أن ما بين روسيا وسورية تباين في بعض المسائل وليس خلافاً أبداً، لأنهما متفقتان بقوة على ضرورة القضاء على الإرهاب . و هذه مصلحة روسية، كما هي مصلحة سورية . ألم يقل بوتين للفايننشال تايمز ( ذهبنا إلى سورية لمحاربة الإرهاب كي لا نجده في بيوتنا )، كما أن موسكو ودمشق متفقتان بقوة أيضاً على الإلتزام بوحدة وسيادة وإستقلال سورية، الأمر المتضمن إستعادة جميع الأراضي لسيطرة الدولة . وهذا الإتفاق السوري الروسي العميق و الهادف إلى إستعادة دور الدولة السورية في المنطقة والعالم، هو ما يقوي الدور الروسي في رسم خريطة المنطقة، إنطلاقاً من وحدة وسيادة سورية، بما يرسخ الإسهام الروسي في وضع هوية النظام الدولي . ألم يقل الرئيس الأسد لقناة روسية قبل أيام أن ( الوجود الروسي في سورية ضروري جداً في تحقيق التوازن بمواجهة سعي الغرب للسيطرة على المنطقة ) . و هكذا فالإتفاق والتحالف بين سورية وروسيا، يعززان بقوة توافقهما على القضايا الأساسية الحاسمة في مستقبل المنطقة ( الإرهاب والهيمنة الغربية ) الأمر الذي يجعل أي تباين ثانوياً، إن وجد.
مع ذلك، فإن إحتياجات العيش الأساسية، هي ما يشغل الناس في سورية . والرؤية الإستراتيجية التحالفية بين موسكو ودمشق ، لا تشبع ولا تغني من جوع . بالعكس، فإن الإتفاق والتحالف على القضايا الإستراتيجية العميقة، يوجب على روسيا ألا تتوانى عن مد اليد لتقديم العون الإقتصادي العاجل .. وألا تترك الحرائق تنتشر وتأكل حياة وأرزاق السوريين، لأن النار الفالتة، إرهاب أيضاً .. فهل من تطورات قادمة في التعاون الروسي السوري تهدئ من مخاوف السوريين، و تطمئنهم في معاشهم، وتقوي تمسكهم بهذا التحالف الأستراتيجي المصيري مع روسيا ؟؟
بوابة الشرق الأوسط الجديدة