قيس سعيّد يدعو لإلغاء ديون أفريقيا وإنشاء صندوق دولي لدعمها
انتقد الرئيس التونسي قيس سعيّد الأحد سياسة الغرب تجاه أفريقيا، داعيا إلى إلغاء ديون دول القارة وإنشاء صندوق دولي لدعمها من جانب المانحين، مذكّرا بمقاربته القائمة على ضرورة معالجة الأسباب العميقة لظاهرة الهجرة غير الشرعية.
وقال سعيد خلال افتتاح المؤتمر الدولي حول التنمية والهجرة في العاصمة الإيطالية روما “هناك بيع للأسلحة للدول الأفريقية لتغذية النزاعات، بينما بالإمكان استغلال كل هذه الثروات المهدورة في السلاح للقضاء على المجاعات في أفريقيا”.
ومستنكرا، تساءل “من أين تأتي أموال السلاح وفي نفس الوقت لا توجد أموال لزرع الأمل في هذه الدول؟!”.
وتابع “علينا تخصيص صندوق دولي جديد يتم تمويله من الدول المانحة وكذلك السعي إلى إلغاء الديون التي تثقل كاهل الدول الإفريقية”.
وحتى نهاية 2022، بلغت ديون أفريقيا نحو تريليون دولار وتعاني 22 دولة أفريقية من أعباء الديون أو غير قادرة على الوفاء بالتزاماتها المالية تجاه الدائنين، وفقا لصندوق النقد الدولي.
وشدد سعيد على أنه “لن يستتب الأمن ولن يتحقق الاستقرار إذا لم نتمكن من دراسة أسباب وجذور انعدام المساواة وانعدام الأمن.. هذه الجثث التي نراها أمام أعيننا (جثث مهاجرين غير نظاميين) هي جراء فقدان الأمن”.
وأردف “رأينا قبل بضع سنوات انطلاق عمليات عصابات الاتجار بالبشر وكذلك الاتجار بالأعضاء والشعب التونسي يقدر القيمة الإنسانية لهؤلاء المهاجرين واللاجئين ولكنه يتصدى لهذه العصابات الإجرامية”.
وأكد أن تونس “التي ألغت العبودية منذ سنة 1874 لا يمكن أن تقبل بعودة الاسترقاق من خلال الهجرة غير النظامية.. ولن تقبل بالتوطين المبطن للمهاجرين غير النظاميين ولن تكون ممرا أو مستقرا للخارجين عن القانون”.
وافتتحت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني المؤتمر محدّدة أولويات ما سمّته “عملية روما” وتحدّثت عن “محاربة الهجرة غير النظامية وإدارة تدفقات الهجرة القانونية ودعم اللاجئين، خصوصاً التعاون الواسع النطاق لدعم تنمية أفريقيا وخصوصاً بلدان المغادرة (المهاجرين)، إذ من دونها سيبقى أي عمل غير كاف”.
ويحضر المؤتمر قادة من المنطقة والاتحاد الأوروبي والمؤسسات المالية الدولية والرئيس الإماراتي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ورئيس موريتانيا محمد ولد الشيخ الغزواني ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين ورئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال ورئيس مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي.
وبين الحضور أيضا رؤساء وزراء مالطا ومصر وليبيا وإثيوبيا والجزائر والأردن ولبنان والنيجر، بينما أوفدت دول أخرى وزراء لتمثيلها وبينها اليونان وتركيا والكويت والمملكة العربية السعودية. ولم ترسل كل من فرنسا وإسبانيا ممثلين عنهما.
ودعا البابا فرنسيس خلال تلاوة صلاة التبشير الملائكي في الفاتيكان رؤساء الدول والحكومات الأوروبية والأفريقية إلى تقديم الإغاثة والمساعدة للمهاجرين الذين يعبرون المتوسط ولكن أيضًا لأولئك المحاصرين والمتروكين في مناطق صحراوية، كما في تونس وليبيا.
وفي 16 يوليو/تموز الجاري أعلنت الرئاسة التونسية توقيع مذكرة تفاهم مع الاتحاد الأوروبي حول “الشراكة الإستراتيجية والشاملة” بين الجانبين في مجالات بينها تعزيز التجارة ومكافحة الهجرة غير النظامية بقيمة تزيد عن 750 مليون يورو (نحو 834 مليون دولار)، إثر لقاء في قصر قرطاج جمع سعيد مع رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين ورئيسة الحكومة الإيطالية جورجيا ميلوني ونظيرها الهولندي مارك روته.
ومنذ فترة تشهد تونس تصاعدا لافتا في وتيرة الهجرة غير النظامية إلى أوروبا عبر البحر المتوسط، خصوصا باتجاه سواحل إيطاليا، على وقع تداعيات الأزمات الاقتصادية والسياسية في البلد شمال الأفريقي ودول أفريقية أخرى لاسيما جنوب الصحراء.
وتقول روما إن حوالي ثمانين ألف شخص البحر المتوسط ووصلوا إلى سواحل شبه الجزيرة منذ بداية العام، مقابل 33 ألفًا خلال الفترة نفسها من العام الماضي. وقد انطلق معظمهم من الساحل التونسي.
وتعيش تونس أزمة اقتصادية حادة فاقمتها تداعيات جائحة كورونا وارتفاع تكلفة استيراد الطاقة والمواد الأساسية جراء الحرب الروسية الأوكرانية وازدياد معدلات الهجرة غير النظامية عبر أراضيها.
وخلال حملة الانتخابات التشريعية التي أوصلتها إلى السلطة في 2022 وعدت ميلوني بوقف نزول المهاجرين في إيطاليا. ومنذ ذلك الحين تعرقل حكومتها نشاط السفن الإنسانية من دون أن تنجح في وقف وصول اللاجئين.
وقالت فيديريكا إنفانتينو الباحثة في مركز سياسة الهجرة التابع لمعهد الجامعة الأوروبية في فلورنسا إن الاتفاق مع تونس لن يغير الوضع.
وأضافت “لا يمكننا تخيل الهجرات على أنها مياه تخرج من الصنبور الذي نغلقه ونفتحه حسب رغبة بعض السياسيين”، مؤكدة أنه حتى إذا لم تتحقق الأهداف المعلنة ، فإنها “قضية رمزية قوية” للسياسة الداخلية في نظر ميلوني.