سيناريو الرعب… أميركا تستعدّ للأسوأ
يبدو أن ما شهدته الولايات المتحدة، الأسبوع الماضي، من هجوم على مبنى الـ”كابيتول” في واشنطن، لم يكن سوى تمهيد لما قد يشهده العديد من الولايات الأميركية، في ظلّ تحذيرات من تمدّد العنف خلال الأيام التي تسبق تنصيب جو بايدن رئيساً للولايات المتحدة. هذه التحذيرات تضمّنتها نشرة داخلية صادرة عن مكتب التحقيقات الفدرالي “أف بي آي”، قامت بتسريبها شبكة “آي بي سي نيوز”، أمس، بالتزامن مع تقديم النواب الديموقراطيين لائحة اتهام بحق الرئيس دونالد ترامب، بهدف عزله. وهي جزء من معلومات جرى تداولها في وسائل الإعلام الأميركية، توحي بأن الأيام المقبلة ستحمل الكثير من التطوّرات على مستوى الشارع، ما دفع “البنتاغون” إلى السماح بنشر 15 ألف عنصر من الحرس الوطني لتأمين حفل التنصيب، وحدا أيضاً بولايات عديدة إلى تحصين مؤسّساتها الحكومية خوفاً من الآتي. فبحسب صحيفة “ذا نيويورك تايمز”، صوّتت لجنة تشرف على مبنى الـ”كابيتول” في ولاية ميشيغان، على حظر حمل الأسلحة النارية داخل المبنى. أمّا في ويسكونسن، فقد جرى تحصين نوافذ الـ”كابيتول” كإجراء احترازي.
وقد جاءت هذه التحصينات، إضافة إلى غيرها في ولايات أخرى، في وقت حذّر فيه مكتب التحقيقات الفدرالي من مخطّط لاحتجاجات مسلّحة قرب المباني الحكومية في الولايات الخمسين، وقرب مبنى الـ”كابيتول” في واشنطن، على أن تبدأ هذه الاحتجاجات من الأسبوع الحالي، وصولاً إلى يوم تنصيب بايدن. وبحسب شبكة “آي بي سي نيوز”، فقد تلقّى مكتب التحقيقات الفدرالي، في الأيام الأخيرة، معلومات عن مجموعة تدعو إلى “اقتحام” المحاكم المحلية والاتحادية والمباني الإدارية، في حال عزل ترامب من منصبه قبل يوم التنصيب. كذلك، تخطّط المجموعة لـ”اقتحام” المكاتب الحكومية في كلّ ولاية، في اليوم الذي يجري فيه تنصيب بايدن، بغضّ النظر عمّا إذا كانت الولاية المعنيّة قد صدّقت على انتخاب بايدن أو ترامب. لا ينتهي الأمر عند هذا الحدّ، فقد أفادت “آي بي سي نيوز”، أيضاً، بأن مكتب الـ”أف بي آي” تلقّى معلومات عن مجموعة مجهولة تخطّط للسفر إلى العاصمة واشنطن في الـ16 من الشهر الحالي، مشيرة إلى أن هذه المجموعة “حذّرت من أنّه في حال حاول الكونغرس عزل ترامب عبر التعديل الخامس والعشرين من الدستور، فإن انتفاضة كبيرة ستحصل”. ولا تقتصر التحرّكات الداعمة لترامب على المؤسسات الحكومية؛ إذ ذكرت شبكة “فوكس نيوز” أن الشرطة السرّية تُحقّق في تهديدات موجّهة إلى نائب الرئيس، مايك بنس، بعدما رفض الأخير الرضوخ لطلبات ترامب بعرقلة التصديق على انتخاب بايدن خلال جلسة الكونغرس يوم الأربعاء الماضي. من جهتها، أشارت صحيفة “ذا نيويورك تايمز” إلى أن المسؤولين الديموقراطيين في مقاطعة كلارك، التابعة لولاية نيفادا، أرسلوا تنبيهاً للسلامة العامّة، أول من أمس، في شأن عنفٍ محتمل في مختلف أنحاء الولاية. وكتب هؤلاء: “على مدى الساعات الـ48 الماضية، تصاعد النشاط على وسائل التواصل الاجتماعي إلى درجة أنه يجب علينا أخذ هذه التهديدات على محمل الجدّ”. وجاء التنبيه المذكور بعدما نشر أحد المسؤولين الجمهوريين في مقاطعة ناي الريفية، التابعة لولاية نيفادا، رسالة يوم الجمعة، روّجت لنظريات المؤامرة، مشبّهاً الاحتجاجات على نتائج الانتخابات بالثورة الأميركية. وقال: “الأيام الـ12 التالية ستكون شيئاً نخبر به أحفادنا! إنه عام 1776 من جديد!”.
على أن المعلومات التي جرى تداولها على نطاق واسع عبر وسائل الإعلام الأميركية، أمس، لم تمنع الديموقراطيين من مواصلة تحرّكهم في الكونغرس، بهدف إزاحة ترامب من البيت الأبيض، قبل تسعة أيام على انتهاء ولايته. فقد قدّموا نصّ الاتهام بحقّه أمام مجلس النواب، كخطوة أولى نحو إطلاق إجراء عزلٍ ثانٍ رسمياً بحقّ الرئيس الذي تشارف ولايته على الانتهاء، والذي يتّهمونه بـ”التحريض على العنف” الذي شهده مبنى “الكابيتول” قبل أيام. وعلى رغم أن انتهاء ولاية ترامب بات قريباً، إلّا أن الديموقراطيين آثروا إطلاق تحرّكهم المتجدّد لتسريع خروج الرئيس من السلطة، معلّلين ذلك بأن ترامب رئيس “غير متّزن”، يمثّل “تهديداً وشيكاً” للديموقراطية الأميركية. وذكر زعيم الأغلبية في مجلس النواب، ستيني هوير، أن المجلس قد يصوّت على مساءلة ترامب يوم غدٍ الأربعاء.
في موازاة ذلك، قدّم الديموقراطيون مشروع قرار آخر يطلب من بنس إقالة ترامب عبر تفعيل التعديل الخامس والعشرين من الدستور. واعترض نائب جمهوري على اعتماد مشروع القرار فوراً بالإجماع (بناءً على طلب الديموقراطيين)، وبالتالي يتعيّن إجراء تصويت في جلسة عامة اعتباراً من اليوم. وكانت رئيسة مجلس النواب، نانسي بيلوسي، وَجّهت، أوّل من أمس، إنذاراً إلى بنس، مشدّدة على أن عليه أن يفعّل بشكل طارئ التعديل المشار إليه، الذي يخوّله أن يعلن الرئيس “غير أهل” لممارسة مهامه. وأمهلته 24 ساعة للردّ على طلب مجلس النواب الذي أُدرج في مشروع القرار الأول، ويعطيه السلطات التنفيذية في الأيام الأخيرة من عهد ترامب. وأمس، اعتبرت بيلوسي أن الجمهوريين “يعرّضون أميركا للخطر” عبر “تواطئهم” مع ترامب، الذي اتّهمته بـ”التحريض على تمرّدٍ دامٍ ضدّ أميركا”.
صحيفة الأخبار اللبنانية