شارلي … والحرية
بين الحين والأخر يتحفنا العالم بحدث جلل تهتز له أوساطنا، وتفغر له أفواهنا، وتتجمد عيوننا على شاشات التلفاز والتواصل الاجتماعي لنتابع ما يحصل …
فشارلي ايبيدو اغتالته هو وأحد عشر فرنسيا من صحيفته الساخرة يد الارهاب ..!! مما دفع العالم بأسره لاستنكار وشجب
ورفض الحدث .. و الخروج بمسيرة مليونية جمعت أكثر من مليون شخص بينهم شخصيات حكومية ورؤساء دول ومسؤولين دعا إليها الرئيس الفرنسي ..ليكون حشداً من أكبر حشود فرنسا في التاريخ.
تابعت الحدث .. ولفت نظري أمران ..
الأمر الأول هو أن المواطن في الدول الغربية غالٍ جداً .. واغتياله أو موته بطريقة اجرامية إرهابية تعتبر تعدياً سافراً على أمن البلد، وحقوق الانسان، ويرفضه العالم بأجمعه ويتكاتف ويتعاضد لمكافحته ورفضه ومحاربته.
بينما ما حصل و يحصل في سوريا من كل حالات العنف والارهاب والقتل والظلم والاعتقال والاجرام الانساني لم يدفع رئيس دولة واحدة للدعوة لمسيرة ضد الارهاب والعنف ضد الشعب السوري .. بالطبع لا يمكننا لوم من يحترم شعبه ويعتبر موت مواطن بطريقة لا انسانية هو جريمة ضد الانسانية ويطالب بحقوقه ويسانده وقد يخوض حروبا لأجله .. مقابل حكومات لا تقيم وزنا لشعبها ومواطنيها وتعتبرهم مجرد وقود لبقائها واستمرارها ولو كلف الأمر آلاف العمليات الارهابية .. !!
والأمر الثاني هو حرية الرأي بحد ذاته .. فمع رفضي القاطع للعنف والقتل والارهاب ، الا أنه بالمقابل لا أعتقد أن التعدي السافر على أي فكر آخر ديني أو معتقدي أو سياسي بشكل استهزائي ساخر مهين لا يدخل برأيي ضمن حرية الرأي .. فهو يدخل ضمن نطاق عدم تقبل الآخر واهانته وتجريحه.
لن أبرر جريمة أرفضها قلباً وقالبا ..
ولكن على ما يبدو الجريمة تبدأ بعدم وجود ضوابط أخلاقية وحرية مسؤولة ، واحترام حقيقي للآخر المختلف بالرأي والمعتقد والدين والسياسة … طالما هو لا يتعدى على حريتي ومعتقدي وديني. نقبل النقد البناء ولا نقبل الاستهزاء والمسخرة والتجريح لأنه يولد الحقد والعنف والارهاب.
سلاماً لأرواح كل من اغتالته يد العنف والظلم والارهاب .. الذي لن نكافحه ونتخلص منه الا بالضوابط الأخلاقية واحترام حرية ومعتقدات الآخرين واحترام حرية الشعوب في تقرير مصيرها … والحرية المسؤولة .