صنعاء تعزّز معادلة الردع: الرياض وأبو ظبي في المهداف
أكثر من رسالة وجّهتها قوّات صنعاء، إلى تحالف العدوان السعودي – الإماراتي. في الأولى، أكّدت أن الاتجاه العسكري لم يعد، اليوم، في مصلحة الرياض وأبو ظبي، خصوصاً بعدما أصبح مسار العمليات العسكرية في جبهات الداخل، وجبهات ما وراء الحدود، بيد صنعاء؛ فيما جاءت الرسالة الثانية على لسان الناطق الرسمي باسم قوات صنعاء، العميد يحيى سريع، بإعلانه ، أن النقاط الحساسّة في السعودية والإمارات باتت في مرمى القوّة الصاروخية اليمنية ووحدة الطيران المسيّر، مشيراً إلى أن المعادلة العسكرية على الأرض تغيّرت لمصلحة قوّات الجيش و»اللجان الشعبية»، على رغم الفارق الكبير في الإمكانات والقدرات العسكرية.
أكثر من 30 لواءً و20 كتيبة عسكرية موالية لحكومة الرئيس المنتهية ولايته، عبد ربه منصور هادي، سقطت تحت ضربات الجيش و»اللجان الشعبية» خلال العام الفائت، فيما تلاشت، في النصف الأول منه، مناطق عسكرية في محافظات صنعاء ومأرب والجوف والبيضاء، بعد إحكام قوّات صنعاء سيطرتها على مساحة تزيد على 6 آلاف كيلومتر مربع، وتحريرها منطقة نهم وعدد من مديريات مأرب، فضلاً عن استعادتها 70% من أراضي محافظة الجوف. وفي النصف الثاني من العام نفسه، انتزعت قوات الجيش و»اللجان» السيطرة على 12 مديرية في محافظة مأرب، حيث لا تزال المعارك متواصلة في عبيدة وجبل مراد وأجزاء من رغوان وحريب.
وعلى رغم تكثيف طائرات العدوان غاراتها إلى نحو 9 آلاف غارة (3621 استهدفت مسار العمليات العسكرية في مأرب، و1981 استهدفت الجوف)، إلّا أنها لم تشكِّل عائقاً في طريق تقدّم قوات صنعاء. وأفشلت هذه الأخيرة أكثر من 683 عمليّة لقوّات هادي في مختلف الجبهات، كما كبّدتها خسائر بشرية بلغت 15,366 بين قتيل وجريح، فيما تجاوزت الخسائر في العتاد العسكري الألف، موزعة بين آلية ومدرعة ودبابة وجرافة تم تدميرها وإعطابها على أيدي وحدات ضدّ الدروع التي نفّذت 678 عملية استهدفت فيها أكثر من 100 آلية عسكرية محمّلة بالأفراد والعتاد العسكري، ونحو 35 مدرّعة و20 دبابة و21 جرافة وعربة عسكرية، و88 عملية استهداف لأسلحة ثقيلة ورشاشات، و413 استهدافاً للتحصينات والتجمعات. ونفذت وحدات القنّاصة أكثر من 15 ألف و481 عمليّة، وفق إحصائية وزارة الدفاع في صنعاء، والتي أكّدت أنه تمّ قنص 81 ضابطاً وجندياً سعودياً في جبهات عسير ونجران، و324 من المرتزقة السودانيين، و14 ألف و220 من قوّات هادي.
وتصاعدت عمليات القوات الصاروخية للجيش و»اللجان الشعبية» إلى مستويات غير مسبوقة، إذ كشفت أرقام وزارة الدفاع عن إطلاق القوّة الصاروخية 253 صاروخاً بالستياً ومجنّحاً، منها 178 صاروخاً بالستياً استهدف مواقع معادية في الداخل، و75 صاروخاً بالستياً ومجنحاً استهدف العمق السعودي (20 من طراز «بدر بي»، و30 «بدر 1»، و12 صاروخاً لم يتمّ الكشف عنها، و7 صواريخ من طراز «قدس 1»، و6 صواريخ من طراز «ذو الفقار»). وأكّد سريع تنفيذ الجيش و»اللجان» أكثر من 5 آلاف عملية هجومية جوية واستطلاعية بواسطة طائرات مسيّرة يمنية الصنع، 267 منها استهدفت العمق السعودي، و180 استهدفت مواقع القوّات الموالية لها في جبهات الداخل، لافتاً إلى أن عمليات الطيران المسيّر أثبتت نجاعتها في الهجوم وحقّقت أهدافها بنسبة 99%.
في هذا الإطار، أكّد الخبير العسكري، العقيد مجيب شمسان، في حديث إلى «الأخبار»، أن الأرقام التي أوردها الناطق الرسمي، تشير إلى تعاظم القوّات البرية والجوية اليمنية، وتؤكد أن معادلة الردع الذي تمتلكها صنعاء أصبحت اليوم أقوى من أيّ وقتٍ مضى. وأشار إلى أن التهديد باستهداف عشرة أهداف عسكرية سعودية، في 24 ساعة، يعكس مدى الجاهزية والقدرات العالية التي تمتلكها صنعاء اليوم، ويشير بجلاء إلى أن المعادلة العسكرية براً وجواً تغيّرت لمصلحتها بعدما انتقلت من الدفاع إلى الهجوم، ونجحت في مواجهة القوات الموالية للعدوان في مسرح عسكري واسع خلال العام الماضي.
وعلى رغم الفارق الكبير في الإمكانات والقدرات العسكرية بين قوات الجيش و»اللجان الشعبية» من جهة، وقوات تحالف العدوان أو المدعومة من قِبَلها من جهة أخرى، فإن الإنجازات التي حقّقتها الأولى، العام الفائت، كبيرة، وتعكس التطور النوعي الذي شهدته مختلف الوحدات العسكرية. واعتبر شمسان أن ارتفاع معدّل الهجمات الصاروخية لقوات صنعاء، من 110 في عام 2019 إلى 251 العام الماضي، تعكس مدى تطور الصناعات الصاروخية في صنعاء، كاشفاً عن منظومة صاروخية جديدة لم يعلن عنها بعد، على رغم إطلاق 12 صاروخاً منها، ما يؤشر إلى أن صنعاء تقف اليوم على أعتاب مرحلة ردع استراتيجي جديدة.
وتزامنت التهديدات التي أطلقها الناطق باسم قوات صنعاء مع أخرى مماثلة وجّهها، قبل أيّام، عضو «المجلس السياسي الأعلى»، محمد علي الحوثي، وتوعّد فيها السعودية بمرحلة الوجع الكبير في حال استمرارها في العدوان والحصار. ودعا الحوثي دول تحالف العدوان إلى تغليب السلام وإيقاف العمليات العسكرية بشكل كلّي عملياً وليس شكلياً، ناصحاً دول «التحالف» بعدم تفويت الفرصة، ومؤكداً أن الردّ على استمرار العدوان والحصار في 2021، سيكون موجعاً.
صحيفة الاخبار اللبنانية