لابد أن نتنياهو نجح في ترسيخ شخصيته كتعبير عن الإجرام الهمجي المجنون، ولابد أن الآداب والفنون، علاوة على الدراسات التاريخية والتحليل السياسي في الأزمان القادمة لن تستخدم نيرون أو هتلر أو فرانكشتاين للتعبير عن الاجرام المجنون بقدر تبنيها لنتنياهو كماركة للجنون والاجرام و الهمجية. خاصة وانه بارتكابه فعل اغتيال السيد حسن نصر الله وضع المنطقة العربية في أتون جنون حرب مؤبدة تستعر وسط بيئة متهاونة من سياسة غربية وإقليمية تعجزعن إيجاد مخرج يخلص المنطقة وشعوبها من ويلات الحروب المتوالدة والمتفاقمة عليها من إسرائيل ومجرميها.
في اليوم التالي لطوفان الأقصى، ومع بدء العدوان الإسرائيلي الإبادي على غزة، قال نتنياهو أن (إسرائيل تخوض في غزة حربا ستغير شكل الشرق الأوسط). وعند ارتكاب إسرائيل جريمة الغارة التي استهدفت السيد نصر الله قالت إذاعة الجيش الصهيوني (نفذ الجيش عملية هامة جدا يمكنها تغيير الشرق الأوسط). وللوقاحة أعطت تل أبيب أسم (النظام الجديد) على عملية اغتيال السيد نصر الله. وإذا كان في وهم نتنياهو أن التغيير سيؤدي إلى نظام جديد للصهيونية يخدم مصالحها، فإن ما سيحصده نتنياهو وإسرائيل ليس أكثر من فوضى سترعب وتجنن الإسرائيليين. وفي حقيقة الأمر فإن التغير الذي يحدثه اجرام نتنياهو وجنونه الارهابي يتمثل حصرا في إدامة وتأبيد الصراع ضد الكيان الصهيوني، وهذا ما سيعمق الرعب الذي يعيشه الإسرائيليون خوفا من الحروب. وما اغتيال القادة، وما التدمير والإبادة، وما التهجير والوحشية إلا عناصر إجرام نتنياهو التي ستنبت وتستولد أجيالا عربية أكثر مقاومة واشد تصميما على مواجهة إسرائيل. وهكذا فإن نتنياهو يطيل ويؤبد رعب الإسرائيليين، ويديم عيشهم بخوف ورعب، وينزع عن إسرائيل مفهوم (الكيان الآمن لليهود) الذي كان معتمدا كدعاية لجذب اليهود إليها.
مع اغتيال السيد نصر الله يستعر جنون نتنياهو وتتفشي هيستيريا الاجرام في بيئة اليمين الإسرائيلي الحاكم، خاصة و أن الموقف الأمريكي جاء داعما لاسرائيل في ارتكاب جريمة الاغتيال و العدوان. فقد سارع كل من الرئيس بايدن ونائبته هاريس ليعبرا عن دعمهما الذي لا يتزحزح لإسرائيل. مكررين تمسك الإدارة الأمريكية في سياساتها بالوقوف إلى جانب صف إسرائيل بكل ما ترتكبه وتقوم به. لدرجة انه اعتبر اغتيال السيد نصر الله (من أعمال العدالة). بالمقابل فإن هناك سياسات تعمل على أضعاف قوة وإمكانيات الشعوب العربية، وهي سياسات تصب في دعم إسرائيل في جنونها المتمادي منذ مذابح النكبة 1948 حتى مجازر هذه الأيام 2024 .وهكذا فإن جنون الحرب لدى نتنياهو، إضافة إلى السياسات المؤيدة لإسرائيل والمضعفة لقوة العرب، كل ذلك ينذر بتمادي الاجرام الصهيوني في أربع جهات المنطقة العربية. وبعد الإبادة في غزة، والنكسة في لبنان فإن الأردن مهدد ومستهدف، واليمن وسط النار، والعراق في المرمى، والتربص يحيق بسوريا. وبالتالي، وانطلاقا من دول المركز العربي هذه، فإن جميع الدول العربية مهددة ليشملها الإجرام الإسرائيلي المجنون في إطار (تغيير الشرق الأوسط) بما يجعله ضمن (نظام جديد) خاضع للصهيونية وحلفائها وهيمنتهما وسيطرة مصالحهما. وهذا الخطر يحتم على الدول العربية ترك الخطابة من شماتة وتقديس، والانخراط بسرعة، وقبل فوات الأوان، في بناء استراتيجية عربية تجمع القوى العربية على حد أدنى يحمي الأمن القومي العربي من الجنون الصهيوني الذي يستهدف ليس الأمن العربي فحسب بل وجودهم أيضا. الوقت لا يتسع للخلافات أو النزاعات البينية، والمجال غير متاح للغرق في استحضار ما يفرقنا، فالضرورة الإستراتيجية تستدعي تعاونا ما بين القوى العربية. بكل الطرق والأشكال العسكري و السياسي و الاقتصادي كل حسب إمكانياته و استعداده لفتح الطريق أمام المنطقة نحو مستقبل لا يهدده اجرام إسرائيلي ولا يعيقه جنون صهيوني. فهل نحن فاعلون؟؟ أم سنبقى غارقين في هجاء بعضنا بعضا تاركين للعدو ان يستنزفنا لينقض علينا؟؟؟
بوابة الشرق الأوسط الجديدة
لزيارة موقع بوابة الشرق الاوسط الجديدة على الفيسبوك
لزيارة موقع بوابة الشرق الاوسط الجديدة على التويتر