عربيات ويهوديات في… رواية «كنتاكي» (تأليف: نورا روز مووسنيك)

 

رواية أميركية تكشف حقيقة تعايش عائلات عربية ويهودية خلال الحرب العالمية الثانية

ترعرعت في ولاية كنتاتكي الأميركية وكانت الابنة الكبرى لأبوين مهاجرين يهودين، نورة روز موسنيك، كاتبة اميركية يهودية كتبت ملاحظاتها في كتابها الجديد «عربيات ويهوديات في كنتاكي» عن قصص جمعت يهوديات ومسلمات في اميركا تعود الى الحرب العالمية الثانية تجرأت ان تتحدث عنها اليوم قائلة «الاقتران غير المتطابق تقليديا بين العرب واليهود لم يمنع من كشف حقيقة أن مهاجرين عرب ويهود جمعتهم مخاوف مشتركة واختلافهم عن الآخرين من الأقليات الأخرى التي كانت تعيش انذاك في الولايات المتحدة».
وقد سلطت موسنيك الضوء على دور النساء العربيات واليهوديات اللواتي دفع تشابه ثقافتهن الى تعاونهن وتجمعهن لأجل مقاومة مطالب الاندماج والذوبان في المجتمع الأميركي حفاظا على الهوية الاسلامية واليهودية.
كتاب «نساء عربيات ويهوديات في كنتاكي» (قصص من الجرأة ومن المسكن) كشفت موسنيك فيه كيف يمكن للمرأة اليهودية والعربية أن تشق طريقها في ظل تقاطع التقاليد، درجة الاستيعاب والأرضية الثقافية لولاية كنتاكي. قصص من خبرات عشر نساء كمهاجرات أو بنات مهاجرات جمعتهن مواضيع مشتركة كالخدمة العامة لمجتمعاتهن العربية واليهودية، العلاقات بين الأجيال، عمل مشاريع تجارية صغيرة، والصعوبات التي واجهتهن في التوفيق بين الأسرة والعمل. معا كانت العربيات واليهوديات، تتحدين المفاهيم المقنعة والخاطئة آنذاك للتغلب على تخفي العرب واليهود وعدم قدرتهم على الخروج في ذلك الوقت (ابان الحرب العالمية الثانية) في الأماكن الخارجية كالطرق في أميركا.
وفي اول ردود افعال حول اصدار هذا الكتاب الذي يقع في 228 صفحة تتصدره صورة للكاتبة تعود الى زمن الحرب العالمية الثانية على الغلاف، سارع بعض المؤلفين اليهود خصوصا الى اعتبار الكتاب «حدثا مهما». عمل مقنع، هكذا وصف مؤلف كتاب (ماتزوه) كرة البامية: «حكايات الطبخ في الجنوب اليهودي» مارسي كوهين فيريس، تحليل الكاتبة موسنيك للعلاقات المتداخلة بين تجارب العرب واليهود في محيط جنوبي هي قصة آسرة وقوية.
 وقال مؤلف «استعادة جالية كنتاكي الضائعة» دوغلاس بويد: «موسنيك نسجت مزيجا منعشا من قصص الحياة، وتتبعت مجموعة أسر من النساء العربيات واليهوديات من خلال التفاوض السردي بين التقاليد، ودرجة الاستيعاب والأرضية الثقافية لولاية كنتاكي حيث كانت تعيش بطلات الكتاب».
في مقدمة الكتاب خصت الكاتبة اهداءها الى جدها اليهودي مونور موسنيك وجدها بالتبني موسى اكال وهو عربي فلسطيني. وذكرت الكاتبة في مقدمة الكتاب ايضا وهي تحاول التعريف بالاطار الزماني والمكاني لسرد الأحداث، انها كانت ابنة لتاجر يهودي في ولاية كنتاكي، كان يبيع الثياب والتحف والانسجة، وكانت هذه حرفة اغلب اليهود آنذاك. وذكرت انها كانت مفتخرة باقامة ابيها لعلاقة وطيدة مع عائلة فلسطينية لموسى أكال. وروت الكاتبة مقدار التفاهم والتقدير الذي حملته عوائل يهودية وفلسطينية لبعضيهما باعتبارهما اقليات في اميركا. وحافظت عائلتا موسنيك وأكال عبر عقود على صداقة كبيرة. وقالت الكاتبة انها كانت تنادي كبير عائلة اكال وهو موسى بعبارة عربية (سيدو).
وسردت الكاتبة في مقدمتها الطويلة ذكريات جمعتها مع (سيدو) حيث كانت تحب شرب الشاي معه خصوصا عندما كان يروي لها قصصا عن جني الفاكهة في رام الله وتنقله منها الى كنتاكي في الولايات المتحدة.
وذكرت الكاتبة انه بعد موت الفلسطيني أكال حاولت عائلته معرفة طبيعة العلاقة التي كانت تجمعها معه. وقالت ان الحنين الى تلك الأيام التي عاشت فيها مع جدين يهودي وفلسطيني عربي هو من دفعها الى ان تكتب هذا الكتاب.
وبينت نورا في اول فصول كتابها ان اليهود والعرب كانوا ابان الحرب العالمية قادرين على استثمار الكثير من نقاط التشابه بينهم وقد تميزت العلاقة خصوصا بين التجار العرب واليهود آنذاك.
وذكرت الكاتبة انها من خلال سردها لقصص 10 شخصيات عربية ويهودية تريد اظهار مقدار التقدير لطبيعة الحياة المختلفة لهذه الشخصيات ونسبة التداخل الكبيرة بينها.
وكتبت نورا عن والدتها التي اعتبرتها من الشخصيات النسائية اليهودية التي كان لها حضور فاعل مع نساء عربيات فلسطينيات في مقاومة ظواهر مختلفة آنذاك كالتمييز ومعاداة السامية وترسيخ الهوية.
وكانت الشخصيات التي تناولتها نورا في كتابها من الجيل السابق لعائلتها وبعض الشخصيات من المحيطين بها.
ماري خياط هي ابنة سيدو الذي تعتبره الكاتبة جدها الفلسطيني بالتبني، هذه الشخصية رصدتها الكاتبة بين 1940 و1950. ماري كما وصفتها الكاتبة فلسطينية أميركية عاشت في كنتاكي ثم اسرائيل ثم في الشرق الأوسط لتعود مرة اخرى الى كنتاكي.
وذكرت الكاتبة ان ابويها لم يكونا من الذين تعرضوا للمحرقة في المانيا، مشيرة إلى ان جدها الليتواني الأصل تم ابعاده الى كنتاكي آنذاك هربا من التجنيد الالزامي في الجيش الروسي.
وقالت الكاتبة انه خلال الحرب العالمية الثانية اعتمد العرب واليهود على علاقات وروابط شخصية لبناء الود بينهم. وكانت ايضا من بين الأشياء التي توطد العلاقات بين اليهود والعرب في الولايات المتحدة آنذاك حسب ذكريات الكاتبة هو الاشتراك في الخوف. وقالت «لا العرب ولا اليهود كانوا انذاك واثقين من سلامة مشيهم حتى في الطرقات».
ونقلت الكاتبة شهادة احدى صديقاتها وهي ابنة لأحد الناجين من محرقة اليهود في المانيا، ان اليهود بقوا يرمزون الى ذكرى النازية. وقالت الكاتبة أن الأحداث الأليمة التي تعرض لها اليهود تحولت الى مختبر للحب واستثمار الخوف من الآخر، الى ربط علاقات حميمية مع اقليات تشابه اليهود في تقاطعات كثيرة وهي العرب.
وركزت الكاتبة عبر تصفحها لتاريخ علاقات متشابكة بين عائلات يهودية وعربية على فكرة ان العرب كانوا النظير المستساغ لليهود في الولايات المتحدة بخلاف الأقليات الأخرى. وقد قرب بين اليهود والعرب على حسب رواية نورا الشعور بالأمان وعدم الأمان في الوقت نفسه.
وكشفت نورا أنه على عكس ما يروج من خلاف بين اليهود والعرب، اثبتت قصص قديمة وعلاقات متشابكة انه يمكن للعربي ألا يختلف مع اليهودي لتشابه ثقافتيهما، لذلك اشارت الى وجود عرب يهود او يهود عرب.
لكن الكاتبة في الوقت نفسه، كشفت النقاب من خلال روايتها عن تراجع عدد اليهود في كنتاكي بشكل كبير جدا، في المقابل ارتفع عدد اليهود وتمثيلهم العرقي في نيويورك ليصلوا اكثر من مليون نسمة، واستدركت ايضا ان عدد العرب المسلمين في كنتاكي نما بسرعة من سنة 2000 الى 2010. وحاولت الكاتبة ان تلمح دون توضيح الى فكرة ان ولاية كنتاكي التي كانت تشهد تقاربا بين اقليات عربية مسلمة واليهود في الأربعينات والخمسينات اصبحت الآن لا تحتمل وجود العرقين بينما انتقل اليهود الى نيويورك ونما تمثيل العرب في كنتاكي. فهل كنتاكي لوحدها لم تعد تسع العرب واليهود معا؟!

جريدة الرأي الكويتية

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى