عمر الشريف لم يكن يهودياً ولا زحلاوياً
لم يكن عمر الشريف يهودياً، قبل أن يشهر إسلامه، على رغم تواتر هذه المعلومة الخاطئة في شبكات الإنترنت، وتداولها – كالعادة – من دون تدقيق. والصحيح أنه ولد في عائلة مسيحية تنتمي إلى طائفة الروم الكاثوليك. وهي طائفة مسيحية مشرقية جذورها في بلاد الشام، وتكونت منها جالية في مصر من أبناء المهاجرين الشوام. واشتهر منها عدد ملحوظ من الأسماء المعروفة جيداً في مصر والعالم العربي، بينها في مجالي الثقافة والإعلام: خليل مطران، إبراهيم اليازجي، شبلي الشميل، آل تقلا (جريدة «الأهرام»)، يوسف شاهين، هنري بركات، فتوح نشاطي، بشارة واكيم، نجيب متري (مؤسس دار «المعارف» للنشر)، الشاعر عادل الغضبان (المحرر المسؤول في دار المعارف)، رفيق جبور (المناضل اليساري الرائد) والأديب العالم نقولا الحداد. ولهذه الطائفة مؤسساتها التعليمية: المدرسة البطركية في القاهرة والإسكندرية، المدرسة اليوسفية (القاهرة) ومستشفاها «دار الشفاء»، وجمعياتها الخيرية، ومن أبنائها لمع كثيرون في مجالات الطب والمحاماة والاقتصاد، وآخر هؤلاء رامي لكح (عضو مجلس النواب سابقاً).
في عائلة شلهوب ولد ميشال بن ديمتري بن جورج بن حبيب الذي صار مشهوراً باسم «عمر الشريف». وهو الاسم الفني الذي رافق مسيرته منذ فيلمه الأول «صراع في الوادي». وقد أشهر عمر الشريف إسلامه لدى زواجه بسيدة الشاشة فاتن حمامة. وظل مسلماً حتى وفاته، وكانت جنازته في المسجد ووفق الشريعة الإسلامية.
وعائلة شلهوب التي منها عمر الشريف، من الأسر الدمشقية العريقة. وهي وإن لم تكن كثيرة الأفراد، أنجبت بعض الذين اشتهروا في الحياة العامة، ومنهم جورج شلهوب (جد عمر) وكان طبيباً مرموقاً. ومنهم ديمتري شلهوب (جد الجد) الذي اشترى خان الجمرك عام 1864 وهو صاحب القصر الذي ما زال قائماً في حارة بولاد بدمشق. ومن هذه العائلة أيضاً: السياسي جورج شلهوب، وزير الأشغال العامة في حكومة ناظم القدسي (1950)، وابنه غسان شلهوب وزير السياحة في سبعينات القرن الماضي.
لكن الشائع المتداول هو أن عمر الشريف، من عائلة شلهوب اللبنانية، في مدينة زحلة. والصحيح أنه ينتمي إلى عائلة شلهوب الدمشقية. وأمه كلير سعادة، من مدينة اللاذقية التي منها عالم الآثار والمؤرخ الموسيقي غابي سعادة.
أمير الكمان أيضاً
عمر الشريف ليس الوحيد الذي ألصق به النسب اليهودي. وإذا كان ورود اسم ميشال أو جورج أو جوزف لدى البعض يجعل الذين يكتبون بخفة يتوهمون أن أصحاب هذه الأسماء من اليهود، من دون التفكير في احتمال أن يكون ميشال مسيحياً، فالغريب أن سامي الشوا – وليس في الاسم ما يثير الظن – اعتبر في نظر البعض يهودياً! (هكذا ورد في كتاب «اليهود في الغناء المغاربي والعربي» لمحمد الصقلي، مراكش 2008). والصحيح أيضاً أن سامي الشوا من عائلة مسيحية، هاجر أبوه من حلب إلى القاهرة. وكان أبوه أنطون الشوا عازف كمان هو الآخر، وجده الياس الشوا عازف قانون. أما سامي فكان أبرز عازفي الكمان في عصره واشتهر بلقب «أمير الكمان».
وعندما اندلعت أحداث القاهرة في كانون الثاني (يناير) 1952، وأقدمت عناصر من جماعة «الإخوان المسلمين» على حرق المتاجر الخاصة باليهود مثل شيكوريل، شملا، أوروزدي باك، بنزيون (بن صهيون). شملت الحرائق أيضا محال «صيدناوي» لصاحبيها سليم وسمعان صيدناوي، وهما من المسيحيين الروم الكاثوليك من أصول سورية، وكما يدل الاسم فهما يتحدّران من بلدة صيدنايا.
هؤلاء هم اليهود
لمع كثيرون من اليهود المصريين في مجالات عدة، منهم من كان وزيراً مثل يوسف قطاوي باشا، ومنهم رجال الأعمال والأطباء والعاملون في مختلف الاختصاصات. وفي مجال الثقافة والإعلام برز منهم في الموسيقى: الملحن داود حسني (مكتشف أسمهان) والمطرب زكي مراد، وابنته الشهيرة ليلى، وابنه الملحن منير (موريس) مراد. (زكي مراد مات يهودياً، بينما اعتنقت ليلى ومنير الإسلام)، ويعقوب صنوع (أبو نظارة) أحد رواد المسرح والصحافة. وتوغو مزراحي من أوائل المخرجين السينمائيين. والممثل السينمائي الياس مؤدب، والممثلات: راقية إبراهيم، نجمة إبراهيم، نجوى سالم. راقية (راشيل أبراهام ليفي) هاجرت من مصر إلى الولايات المتحدة ولاحقاً أصبحت سفيرة للنوايا الحسنة لمصلحة إسرائيل. أما نجمة ونجوى فظلتا في القاهرة وتحولتا إلى الإسلام.
ومن المحامين، والشيوعيين البارزين: شحاته هارون ويوسف درويش، وقد رفضا الانتقال إلى إسرائيل، كما الشيوعي الآخر ألبير آرييه (ما زال حياً في السابعة والثمانين من العمر، مقيماً في القاهرة). والمحامي والشاعر والأديب مراد فرج. وكان المحامي ليون كاسترو (مولود في إزمير – تركيا، وانتقل إلى مصر وهو شاب وظل فيها حتى وفاته) صديقاً للزعيم سعد زغلول ومترجماً لديه وعضواً في حزب الوفد ورئيساً لتحرير «لا ليبرتيه» الصادرة باللغة الفرنسية. والوفدي الآخر هارون زكي حداد (وكان مدير تحرير «النداء»). ومن الصحافيين اليهود البارزين: أحمد صادق سعد (أيزدور سلفاتور).
ومن اليهود المصريين الذين لمعوا في المهجر: الصحافي والسفير إريك رولو، والشاعر الأديب أدمون جابيس، والشاعرة جويس منصور، والروائي أندريه آسيمان.
صحيفة الحياة اللندنية