عن الانتصار بالعلم.
عن الانتصار بالعلم….. بعد كل ضربة اسرائيلية أو أمريكية على سوريا، تصلني عدة رسائل من محيطي الصيني سواء كانوا أصدقاء أو جيرانا، يُبدون أسفهم من الاعتداء الحاصل، ويسألوني عن أحوال أهلي وفيما إذا كان قد أصابهم أي ضرر، وغالبا ما ننهي مكالمتنا بالجملة التالية: “أمريكا هي الشيطان الأعظم”.
بالطبع ليس باستطاعتي إخبارهم أن مأساة الواقع السوري اليوم تتجاوز آلام الضربات الإسرائيلية، فقد تكون نقطة عار في تاريخنا أن يكون وجعنا من أعداء الداخل أكبر من وجعنا من ضربات العدو الخارجية، رغم قناعتي بترابط الوجهين ، خاصة وأن فكرة الاحتلال في أذهان الصينيين جعلتهم يتخذون من العدو هدفا يتفوقون عليه بالعلم والعمل.
فحتى اليوم ما زال ذكر اليابان يشعرهم بالأسى ، تلك الدولة التي احتلتهم مدة طويلة، إلا أنهم مع هذا لا ينكرون التقدم الذي حصلت عليه اليابان بل يسعون دائما إلى زيادة علمهم ومعرفتهم من أجل التقدّم، وكأنّ الاحتلال كان درسا علّمهم الابتعاد عن الخنوع، والفخر بما أنجزوه من معارف،ولكن ليس ذاك الفخر الفارغ الذي نستخدمه في صياغة شعارات في عالمنا العربي، بل يحاولون صنع اعتزاز ومجد وانتصار قائم على معرفة.
فقد يكون أكثر ما نذهب إليه في عالمنا العربي من أجل التصدي للاحتلال هو صياغة شعارات لا تأتي إلا من قصور التصدي وضعف التقدّم في المجالات المعرفية، إلا أنّهم في الصين يتصدّون للاحتلال من جانب آخر ألا وهو الجانب الفكري والعلمي.
فحتى ما يتعلق بموضوع تايوان لا أنسى ابتسامة صديقتي الصينية أول قدومي إلى الصين عندما قلت لها:”إذا كان أهل تايوان يتحدّثون اللغة الصينية، فهذا يعني أن تايوان صينية”.
بالطبع عظيمة هي الدول التي تبني انتقامها من الاحتلال حجرا فوق حجر عبر وضع العلم هدفا لها ولشعبها، لصناعة وعي شعبي حول إجرام الاحتلال وأهمية استعادة الأرض، عوضا عن استخدام التخوين صيغة داخلية ضد كل مواطن يقدّم رأيا مغايرا.