غزة.. الاختبار الحقيقي للعلاقات المصرية الإسرائيلية.. هل فشل لقاء السيسي مع بينيت
يبدو أن اللقاء الأول من نوعه الذي جمع بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ورئيس الحكومة الإسرائيلية نفتالي بينيت، في القاهرة الإثنين، لم يأتي بحجم التوقعات الإسرائيلية التي علقت آملاً كبيرة على دور مصري أكثر قوة وحزمًا في التعامل مع غزة التي تشكل قلق وتوتر دائمين على رأسهم.
ملفات غزة الحساسة والمعقدة لا تزال عالقة كما هي ولم يحدث أي تقدم فيها، واللقاء الذي جمع السيسي ببينيت بحث فقط الخطوط العريضة للتعامل مع القطاع وحركة “حماس” التي تسيطر عليه فعليًا، مع إبقاء الإعلام بشكل عام والعبري بشكل خاص يتحدث بكثرة عن رسائل تهديد ووعيد تلقتها المقاومة في غزة في حال استمرت بإطلاق الصواريخ تجاه دولة الاحتلال، وأن موعد المواجهة العسكرية قد اقترب كثيرًا.
الإعلام العبري سلط بعد نهاية لقاء السيسي ببينيت على أكثر الملفات الحساسة تأثيرًا على غزة، وهي الحرب التي تنتظر نقطة الصفر لإشعالها، ومعبر رفح، والحصار على غزة، والملف الرابع صفقة تبادل الأسرى، فتحدث بكل صراحة عن عدم وجود أي تقدم غير لغة التهديد والتمني بتشديد الخناق على “حماس لمنع تعاظم قوتها”.
مراقبون، رأوا أن لقاء السيسي ببينيت كان ناجحًا ببعض الملفات المرتبطة بشكل مباشر بين القاهرة وتل أبيب، سياسيا واقتصاديا وأمنيا، لكن في الملفات المتعلقة بغزة فكان اللقاء فاشلاً ولم يحدث أي تقدم، مما اضطر الرئيس الوزراء الإسرائيلي بطلب من الرئيس المصري، بزيادة الضغط على “حماس” بحجة إطلاق الصواريخ المتكررة من غزة.
وأكد المراقبون في تصريحات خاصة لـ” رأي اليوم”، أن لقاء القمة في القاهرة أمس، كان الورقة الأخيرة التي يملكها بينيت في التعامل مع غزة، وأن الأخير سينتظر التحرك المصري الجديد من أجل تحديد موقفه من الحرب أو البدء بخطوات عملية على الأرض لتحسين الأوضاع الإنسانية والمعيشية في القطاع.
وذكروا في قراءتهم لنتائج لقاء القمة بين السيسي وبينيت في شرم الشيخ، أن إسرائيل في موقف ضعيف للغاية، لا تؤهلها لفتح جبهات قتال مع غزة وغيرها في الوقت الراهن، خاصة بعد الضربة الموجعة التي تلقتها المنظومة الأمنية الإسرائيلية بعد فرار الأسرى الستة من سجن “جلبوع”، إضافة لحالة تفكك الحكومة القائمة، والتي قد يكون إعلان حرب مع غزة المسمار الأخير في نعشها.
وتوقع المراقبون، أن تلعب مصر بورقة معبر رفح للضغط على “حماس” لوقف إطلاق الصواريخ، وكذلك الفعاليات الشعبية التي تنظم على حدود غزة، فيما سيركز وفدها الأمني الذي سيزور غزة ورام الله والقدس وفق ما كشفه “رأي اليوم” على البحث عن حلول جدية لتثبيت حالة التهدئة الهشة.
وتخشى إسرائيل من عدم وجود سيطرة كاملة على المواد الهندسية الثقيلة ومواد الإعمار التي يتم نقلها لغزة، وتتخوف من أن حماس قد تستخدمها لتجديد الأنفاق “وتهريب مواد خام” عبر المعبر لتجديد مخزونها الصاروخي، كما ذكر موقع واللا العبري.
وبحسب موقع “ريشت كان” العبري، فقال مسؤول إسرائيلي كبير، إن بينيت، طلب من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، تشديد الرقابة من قبل القاهرة على معبر رفح والبضائع التي يتم إدخالها إلى قطاع غزة لمنع تعاظم قوة “حماس”.
كما زعمت (القناة 12) الإسرائيلية، اليوم الثلاثاء، بأن مصر نقلت رسالة إلى حماس مفادها أن تل أبيب لن تتردد في تصعيد عملياتها في غزة إذا استمر إطلاق الصواريخ وصولاً إلى حد تنفيذ عملية عسكرية في قطاع غزة.
كما قالت (القناة 13) الإسرائيلية، بأن السيسي قال لـ “بينيت”: إن “مصر ستعمل على منع إطلاق الصواريخ من غزة”، وفق زعمها.
وكان العلم الإسرائيلي حاضرا إلى جانب العلم المصري خلال اللقاء، خلافا للقاء العلني الأخير بين رئيس الحكومة الإسرائيلية السابق، بنيامين نتنياهو، والرئيس المصري الأسبق، حسني مبارك، في كانون الثاني/يناير عام 2011، عندما تم وضع العلم المصري فقط. واحتجت إسرائيل حينها، لكن بعد أيام معدودة جرى خلع مبارك.
ورغم أن إسرائيل طلبت الحفاظ على سرية اللقاء إلى حين عودة بينيت إلى إسرائيل، إلا أن الرئاسة المصرية أعلنت عن اللقاء فور إقلاع طائرة بينيت من تل أبيب متوجهة إلى شرم الشيخ.
ووصفت الصحف العبرية الصادرة اليوم الثلاثاء، اللقاء بين الرئيس المصري ورئيس الحكومة الإسرائيلية، بأنه “دافئا” لكنها قالت بأن هذا “الدفء” يُخبيء خلفه مواقف الدولتين، حول الكثير من الملفات التي بعضها منسجم وبعضها الأخر يشوبه خلافات كبيرة.