غضب في تونس بسبب الموقف الأميركي من الاستفتاء على الدستور
أثار الموقف الأميركي المنتقد للاستفتاء على الدستور الجديد غضبا على المستويين الرسمي والشعبي في تونس، إذ عبر الرئيس قيس سعيد عن رفضه لأي تدخلات خارجية، فيما دعت أحزاب ومنظمات مدنية تونسية، إلى تحركات احتجاجية.
ونجح الرئيس التونسي في اختبار الاستفتاء بموافقة غالبية كبيرة من المشاركين فيه على مشروع الدستور الجديد الذي يمنحه صلاحيات واسعة.
وقال الرئيس سعيد، الجمعة، خلال استقباله وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج، عثمان الجرندي، إن “تونس دولة حرّة مستقلّة ذات سيادة”.
وأضاف “من بين المبادئ التي يقوم عليها القانون الدّولي مبدأ حق الشعوب في تقرير مصيرها بنفسها وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول”.
كما أكّد على “استقلال القرار الوطني ورفضه لأي شكل من أشكال التدخل في الشأن الوطني، وأنه لا صوت يعلو في تونس فوق صوت الشعب”.
وشدد على أن “الدولة التونسية تتساوى في السيادة مع كل الدول كما تنص على ذلك مبادئ القانون الدولي، وأن السيادة داخل الدولة هي للشعب التونسي الذي قدّم آلاف الشهداء من أجل الاستقلال والكرامة الوطنية”.
وشعبيا، أعلنت الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان أنها ستنظم غدًا السبت وقفة احتجاجية أمام مقر السفارة الأمريكية في تونس “تنديدا بالتدخل الأميركي في الشأن السياسي التونسي، خاصة بعد تصريح للسفير الأميركي الجديد (المنتظر تعيينه) في تونس.
وكان السفير الأميركي قال إنه “سيتعاون مع الجيش التونسي لتعزيز حقوق الإنسان المهددة بمسار 25 يوليو”، بحسب ما أكده كاتب عام الرابطة بشير العبيد، الذي اعتبر أنّ تصريح المسؤول الأميركي “مثير جدًا ومستفز جدا”.
وأضاف السفير الأميركي المقترح جوي هود إنه سيواصل الدعوة لتشكيل حكومة ديمقراطية بسرعة تكون مسؤولة أمام الشعب التونسي، مضيفًا خلال كلمة له أمام الكونغرس الأميركي أنه سيستخدم ما أسماها جميع أدوات النفوذ الأميركي حتى تعود تونس إلى الحكم الديمقراطي، كما دعا إلى مراجعة برنامج المساعدات حتى تتماشى مع سياسات واشنطن.
من جهته، علق وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن على الاستفتاء قائلًا إنه اتسم بتدني نسب المشاركة، معربًا عن مشاطرته العديد من التونسيين انشغالهم من أن المسار المنتهج في صياغة الدستور الجديد قيّد مجال النقاش الحقيقي، وأن الدستور الجديد يمكن له أن يضعف الديمقراطية في تونس ويَحُدّ من احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية.
وعبر حزب التيار الشعبي في هذا السياق عن رفضه لما ورد في تصريح الوزير الأميركي وبيان الخارجية الأميركية بخصوص الاستفتاء، معتبرا أنه “اعتداء سافر على إرادة الشعب التونسي وسيادته”.
كما أدانت الهيئة الوطنية للمحامين التونسيين بشدة “التدخّل الأمريكي في الشأن الوطني القائم على منهج المساومة واستغلال الظرف الاقتصادي الذي تمر به البلاد لفرض خيارات معينة تخدم مصالحه”.
واعتبرت الهيئة، في بيان الجمعة، بعد اجتماع مجلسها أنّ بيان الخارجية الأميركية إثر إعلان النتائج الأولية للاستفتاء وتصريحات السفير الأميركي في تونس يمثلان “تدخّلا سافرا وفجّا في الشّأن التونسي الداخلي، وتعدّيا على السيادة الوطنية يتعارض مع الأعراف الدبلوماسية”.
كما أدان مجلس أمانة حركة تونس إلى الأمام، في بيان له الجمعة، بشدّة ما وصفه بـ “التدخّلات السّافرة للخارجية الأميركية في الشأن الداخلي، والتّعامل مع الشعب التونسي بمنطق الوصاية”.
واعتبرت الحركة، أنّ حملات التّشكيك والتّخوين التي ما انفكّت تروّج لها أطراف داخلية عبر لجوئها المتكرّر للقوى الأجنبية والاستقواء بها، “كانت من الأسباب الرئيسية التي شرّعت للتّطاول على استقلالية قرار تونس وسيادة خياراتها”.
وأكدت أنّ “الولايات المتّحدة، التي تدّعي الدّفاع عن الديمقراطية وحقوق الانسان، “هي التي قادت وتقود كلّ السياسات التي دمّرت الشّعوب في العراق وفلسطين وأفغانستان وسوريا، وهي التي دعّمت قوى الإرهاب في محاولة لبسط نفوذها على خيرات الشّعوب والأمم المضطهدة ومقدّراتها”، وفق نص البيان.
والثلاثاء، قال رئيس هيئة الانتخابات فاروق بوعسكر، إن مشروع الدستور “حظي بثقة 94.60 بالمئة من أصوات مليونين و630 ألفا و94 ناخبا شاركوا في التصويت من أصل 9 ملايين و278 ألفا و541 ناخب (30.5 بالمئة من المسجلين)”.
والاستفتاء حلقة في سلسلة إجراءات استثنائية بدأ الرئيس سعيد باتخاذها في 25 يوليو 2021 ومنها إقالة الحكومة وتعيين أخرى وحل مجلس القضاء والبرلمان وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية وتبكير الانتخابات البرلمانية إلى 17 ديسمبر المقبل.