فالج لا تعالج
وقفت أمام الموظف لدقائق ، تنحنح مراراً لألفت نظره، فلم يلتفت باتجاهي ! كان يتحدث بالهاتف تارة همساً ، وبصوت مسموع تارة أخرى ، مضت عدة دقائق ، طلبت منه أن يكلمني فأشار بيده أن انتظر وتابع حديثه. انتظر معي آخرون ، وبعد أن فرغ من مكالمته ، تناول الطلب من يدي ، لم يقم بإيقاظ الموظف النائم أو إيقاظ الأوراق التي في درجه ، وأومأ لي أن أذهب إلى الغرفة المجاورة .
في تلك الغرفة ، تحلق الموظفون حول مائدة الفول ، وفاحت رائحة البصل والفجل ، وتناثرت عروق البقدونس بين قطع البندورة والخيار والمخلل، وانتظرت حتى انتهى الموظفون من التهام محتويات الصحون ، وغادر البعض الغرفة لغسل يديه ، وراح البعض الآخر ينظف الطاولة بأوراق بيضاء كونهم لا يسددون ثمنها !
تناول الموظف المعاملة وقال لي دون أن ينظر إلى محتواها :”عد بعد ساعة “! وقفت محتجاً ، فالمسألة لا تحتاج إلا لدقائق معدودة ، لم يردّ الموظف عليّ ، وأمام إلحاحي أجاب : روح اشتكي !
اشتكيت إلى المدير ، وتبدلت الصورة ، عندما عرف مهنتي ، وأرسل لتأنيب الموظف، وألقى عليه خطبة عصماء من أجل خدمة المواطن والصالح العام ، محذراً إياه من تكرار ذلك تحت طائلة العقوبة المسلكية!!
خرجت من غرفته لأرى طابوراً يقف أمام باب المدير، بانتظار توقيع سيادته والشكوى له ! ولكن على ما يبدو أنه حذّر رئيس مكتبه من إدخال أي مواطن لانشغاله باجتماع وهمي !
وحين احتج المنتظرون ، قال مدير مكتب المدير: اذهبوا واشتكوا !!