فريدريك سيديل… الشاعر الذي يستحقه القرن العشرون
بحسب نقاد كثيرين، فإن فريدريك سيديل (1936) هو «الشاعر الذي يستحقه القرن العشرين». في التاسع عشر من شباط (فبراير) ولد في سانت لويس – ميزوري، لأسرة غنية ذات أصول روسية، وظل حتى الآن أنيقاً يتحدث بلكنة هارفاردية. هو صاحب 16 مجموعة شعرية، منها «حلول نهائية» (1963)، و«شروق الشمس» (1979)، و«قصائد 1959 ــ1979» (1989)، و«الحياة على الأرض» (2001)، و«أوجا بوجا» (2006)، و«طقس لطيف» (2012)، وآخرها «تفاوت كبير في الدخل» (2016).
نال سيديل عن بعض هذه المجموعات جوائز مهمة، لكنه لم يذهب لتسلم أي منها بنفسه، هو الذي لا يحب إجراء المقابلات الصحافية، ولم يحدث أن قرأ شعره أمام جمهور قط. في عام 1963، نشر أولى مجموعاته الشعرية ثم توقف بعدها عن نشر الشعر لنحو 15 سنة، وقتها لم يكن يعرف كيف يستمر من دون أن يكرر نفسه. منذ مجموعته الأولى «حلول نهائية»، أثار سيديل المشاكل، فهو شاعر قاس جريء لا يقدم ما يتوقع أن يقرأ، وما زالت كلمات مثل القسوة والصدمة تصاحب التلقي الأول لقصائده حتى الآن. تلك القصائد التي كثيراً ما تناولت الفقراء والمعوزين وضحايا العنصرية، واتخذت من السياسة موضوعها الدائم، وربما بسبب ذلك! وهو على الجانب الآخر الشاعر المُترف، الذي يسكن أعلى غرب نيويورك: «أحيا حياة شهية/ هذا صحيح/ أحيا حياة مميزة في نيويورك/ آكل التوست بالزبدة في السرير، بأصابع خارجة من فرج امرأة صباح الآحاد/ قل هذا ثانية؟/ عندي قواعد…/لا أمنح المتسولين الذين يمدون أياديهم في الشوارع شيئاً…»
بعدما كاد مخطوط ديوانه الأول أن يحصل على جائزة من «مؤسسة ياماها»، كما أخبره أحد أعضاء لجنة التحكيم بأنه سيسمع أخباراً سارة قريباً، عاد وأخبره أنه لا يمكن أن يحصل على الجائزة، التي كانت تتضمن نشر المخطوط، لأن كتابه ببساطة «سيزعج، وربما يهين عدداً كبيراً من الناس». اتهمت القصائد بالفحش وبمعاداة الكاثوليكية والسامية، واتهمت بالتشهير بمامي آيزنهاور والكاردينال ليبل سبيلمان. رفض سيديل الجائزة ونشر الكتاب عندما طلب إليه أن يحذف عدداً من تلك القصائد «المهينة»، كما أرادت مجلة «تايم» أن تنشر القصائد محل الخلاف مصحوبة بتغطية للموضوع بأكمله، لكنه رفض، لأن «تايم»، على حد تعبيره، «مكان مبتذل». استقبل الديوان استقبالاً صاخباً، ووجدت القصائد مزعجة لكثيرين، لأنه يحب أن يكتب قصائد مزعجة، ولا يمانع إطلاقاً أن تصدم قصائده أحداً.
منذ صباه، أحب سيديل شعر إزرا باوند، وسعى للقائه، ومن هارفارد أرسل إلى إزرا باوند رسالة فيها قصيدة طالباً رأيه فيها، قائلاً: «إن كانت هذه القصيدة تستحق اهتمامك، فهي تستحق اهتمامي». وللمفاجأة رد باوند بعدها بفترة، فذهب سيديل الشاب إلى واشنطن لملاقاته في المستشفى المحتجز فيه. حينها، شجعه باوند وصحح له ونصحه بالبقاء في هارفارد، ونشأت بينهما صداقة لطيفة، لكنهما لم يلتقيا بعدها. مع ذلك، يرى سيديل نفسه مختلفاً تماماً عن باوند وعن ت إس إليوت، الذي التقاه كذلك في لندن في إحدى زياراته إليها. ينفي سيديل تأثر شعره بسيلفيا بلاث وفرانك أوهارا، لكنه يؤكد على حبه وافتتانه بأوهارا شاعراً وشخصاً رائعاً، وقد عمل لفترة على سيناريو فيلم عن قصة حياة أوهارا لكن هذا المشروع لم يكتمل.
هذا الأسبوع أتم سيديل عامه الحادي والثمانين، وما زال يكتب لأنه «يكون أفضل عندما يكتب، ويشعر أن الحياة ممتلئة، وأنه مخلوق لغرض ما».
أغنيةٌ للربيع
أستطيع أن أجد الكلمات المناسبة
وأحياناً لا أستطيع
ها هي الأزهار التي ترمز إليه
وأنا واقف هنا على الرصيف
لا أتحمل ذلك
لكنني متفهم بالطبع؛
يجب أن يكون لكل شيء معنى
وعلى الأشياء أن ترمز لشيء ما
لا أستطيع استيعاب الزمن
حتى السطحي منه عميق جداً!
أقول لبائع الزهور:
الزهور جميلة في دكانك يا رجل
سآخذ عشر سوسنات
منتصباً
لكن كما لو كنت راكعاً على ركبتيّ
وقبل أن يقترب الصبي من المدرج المنقوش العالي
حيث تصطف زهوره خارج الدكان
آخذ شعلاتي، وأدفع حسابي في الداخل
أنصرف لأحظى بمضاجعة
هذه هي المرأة التي أحب
في الغرفة ثلاث عشرة سوسنة
وأنا واقف على السطح.
صحيفة الأخبار اللبنانية