فضيحة من العيار الثقيل.. هذه تفاصيل خطة السلطة الفلسطينية للقضاء على المقاومة في جنين
نادر الصفدي
داخل الغرف السرية المغلقة تُطبخ تفاصيل خطة خطيرة لعملية أمنية كبيرة تستهدف بشكل خاص مدينة جنين ومخيمها، للقضاء على مقاومتها وتجريدها من أي أنواع السلاح التي يمكن أن تُزعج الاحتلال الإسرائيلي وجيشه خلال عمليات الاقتحام والملاحقة وقتل المقاومين التي ينفذها بشكل يومي.
مخيم جنين طالما كان ولا يزال شوكة في حلق الاحتلال الإسرائيلي يصعب عليه كسرها، بفعل ما قدمته مقاومة هذا المخيم من دروس وعمليات نوعية وكبيرة أذلت هذا الجيش وبعثرت أوراقه الأمنية، فبات تنفيذ مخطط تفريغ هذا المخيم من المقاوم هو الشغل الشاغل للجيش الإسرائيلي وقادته.
لكن، يبدو أن كل المخططات التي وضعها الاحتلال للقضاء على المقاومة داخل هذا المخيم قد فشلت ولم تؤت ثمارها، فلجأت إسرائيل إلى السلطة الفلسطينية التي تُنسق معها أمنيًا في كل عملياتها بالضفة الغربية المحتلة، لتكثيف الجهود لتحقيق هدف واحد وهو “القضاء على المقاومة”.
القيادي في حركة الجهاد الإسلامي ماهر الأخرس، فجر مفاجأة مدوية، حين كشف عن ملامح خطة أمنية خاصة تقودها أجهزة أمن السلطة الفلسطينية، لإنهاء ما تسميه بـ”ظاهرة جنين”، موضحا أن الخطة شملت نشر المئات من جنود حرس الرئيس على مداخل وأبواب المدينة والمخيم.
– تفاصيل الخطة السرية
وقال الأخرس بتصريحات نشرت له على مواقع فلسطينية محلية، إنّ السلطة أقامت غرفة عمليات أمنية تضم كبار الشخصيات الأمنية في السلطة، واستدعت فيها الشخصيات التي وقفت على رأس خطة فكفكة “عرين الأسود”؛ لتطبيق خطتها في جنين.
وأوضح أنّ هذه الشخصيات ممثلة عن مجمل الأجهزة، وأضيف لها عناصر من حرس الرئاسة التي زودت المقرات الأمنية بعشرات الأشخاص، يناط بهم منع أي مظاهر للاحتفاء بالمقاومة في جنين، لافتًا إلى أن هؤلاء الأشخاص تم تزويدهم بالسلاح والمركبات المصفحة، وينتشرون في مختلف المقرات بالمدينة والمخيم، ووظيفتهم الحصرية هو ملاحقة أي مظاهرة تحتفي بأي عملية فدائية، أو محاصرة وتطويق أي مسير للمقاومين في المخيم.
وبيّن الأخرس أن هذه الغرفة هي نتاج خطة أقرّت بعد اجتماعات “العقبة وشرم الشيخ”، وفعلّت بشكل رئيسي بعد الاجتياح وعلى ضوء أداء المقاومة البطولي في دحر قوات الاحتلال عن المخيم، موضحًا أن السلطة عرضت خطة تشتمل على مجموعة نقاط لتفريغ كتيبة جنين، أولها مساومة المقاومين على تسليم الأسلحة مقابل الحصول على عفو من الاحتلال عنهم وضمان عدم ملاحقتهم.
وبيّن الأخرس أن الخطة تشتمل أيضا عروض بوظائف وأموال على غرار ما حدث في عرين الأسود، “واستعانت بأشخاص وقفوا على فكفكة هذا الملف؛ ليطبقوا رؤيتهم وخطتهم المتعلقة بشأن المساومات المقدمة لبعض المطاردين”.
وذكر أن الخطة شملت أسلوب التهديد والترهيب من ناحية الاعتقال ورفض الافراج حتى لو صدرت قرارات من المحاكم، وربط اعتقال المقاومين بذمة الجهات الأمنية العليا، وتهديد عوائل المطاردين بإمكانية اغتيالهم في أي لحظة، ضمن أسلوب الترهيب المستمر.
وبيّن أنّ هذه الخطة بمجملها تعبر عن رغبة لتطبيق تصريحات رئيس السلطة محمود عباس، التي قال فيها “لن نسمح أن تكون بلاطة كجنين”، في إشارة لرغبته حسم وجود المقاومة، وعدّ هذه الإجراءات مشاركة واضحة من السلطة في تصفية المقاومة وإنهاء وجودها، في وقت تتفرج فيه على جرائم المستوطنين وحربهم المفتوحة ضد أبناء شعبنا. ودعا قيادة حركة فتح وشرفاء الحركة إلى ضرورة الوقفة تجاه هذه الإجراءات التي تستهدف جميع المقاومين على حد سواء، وتهدف لتأمين الاحتلال على حساب دماء شعبنا وأرواح أبنائه.
وفي ذات السياق توقع المحلل السياسي، حسن عبدو، بأن طرق محاولات الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة في فكفكة مجموعات المقاومين في الضفة، ستبوء إلى الفشيل الحتمي، عازيًا الأمر، إلى أن المقاومة هي من خيار شعبي، ومستمرة في مواجهة الاحتلال الاسرائيلي.
– هل ستنجح؟
وقال إن “السُلطة لن تنجح في تفكيك مجموعات عرين الأسود في جنين، وغيرها، والمقاومة عمل متجدد، وكل المحاولات لتفكيكها ستفشل”، مضيفًا أن ارتفاع وتيرة ملاحقة واعتقال المقاومين وقادتهم من أمن السُلطة في الأيام الأخيرة، تصب بالدرجة الأولى في خدمة الاحتلال الذي يحاول السيطرة على الضفة كاملةً بقوة السلاح.
وتابع المحلل السياسي، أن كل المؤشرات تشير إلى أن أداء المقاومة في تطور واضح وملموس مع امتلاك خبرات متراكمة خلال السنوات الماضية القليلة، مسترشدًا في ذلك، تصدي المقاومين لاجتياح مدينة جنين ومخيمها، بداية الشهر الماضي، باستخدام تكتيكات عسكرية وتفجير عبوات ناسفة جعلت العدو يتقهقر عقب عملية الاقتحام.
وأوضح عبدو، أن المطلوب حاليًا هو التركيز على دعم المقاومة وتطوير أدائها ومناصرتها، لأنها تُعد الخيار الوحيد القادر على استرجاع الحقوق المسلوبة من العدو.
وشنت أجهزة أمن السلطة، الشهر الماضي، حملة اعتقالات قسرية واسعة طالت العشرات من قادة وعناصر المقاومة في الضفة الغربية، وزجتهم في سجن أريحا، وكان معظمهم من عناصر الجهاد الإسلامي الفلسطيني.
وإثر ذلك، أعلن الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي، القائد زياد النخالة، عن عدم ذهابه إلى لقاء اجتماع الأمناء العاميين للفصائل الفلسطينية التي انعقد في نهاية الشهر الماضي، في القاهرة.
وأمام هذا التطور الخطير يبقى التساؤل مطروح… هل ستنجح خطة السلطة؟ ومن المستفيد؟
صحيفة رأي اليوم الألكترونية