بدأ التنسيق العملي بين واشنطن وتل أبيب حول ترتيبات وخطوات إنجاز (عملية رفح) وبما أن الطرفان متفقان على ضرورة القضاء على المقاومة في رفح فإن التنسيق بينهما يقود لتنفيذ العملية بمزيج من الاجتياح الشامل والعمليات المحدودة المركزة مع نقل لمجموعات من المدنيين الفلسطينيين إلى أماكن يمكن تجنب قصفها والإضرار العسكري بها، وبات العالم على حافة الغوص في عملية رفح، التي بدأت فعليا، أو بدأت مرحلتها التمهيدية منذ أكثر من أسبوع.
الإعلام الغربي والأمريكي خاصة شغل العالم باهتمام الادارة الأمريكية بسلامة المدنيين الفلسطينيين المحشورين في رفح، بينما كان البنتاغون ينسق مع الجيش الإسرائيلي الخطوات والخطط العسكرية في مقابل العمل الحثيث من قبل الخارجية والمخابرات الأمريكية مع الموساد لوضع تصور لحال القطاع بعد العمليات العسكرية. وعملت الخارجية الأمريكية بجهد كبير مع الدول العربية الفاعلة (السعودية، الإمارات، مصر، قطر، الأردن) لتأمين مشاركة عربية في رسم مستقبل غزة.
أهم ملامح الصورة التي ترسمها أمريكا وتل أبيب لقطاع غزة والضفة أيضا، حتى الآن، تقوم على فكرة (ضرورة تأمين إسرائيل كدولة يهودية، آمنة، ومزدهرة، وضمان عدم تعرضها لأي مقاومة في المستقبل)، وحسب التصور الأمريكي الصهيوني يمكن تحقيق هذا الهدف عبر ما يلي: 1) القضاء على المقاومة المسلحة قضاء تاماً. 2) افناء، وإلغاء، وتحويل أي فكرة تؤدي لمقاومة إسرائيل. 3) اعتماد مبدأ حل الدولتين ولكن بعد تأجيله لخمس سنين كاختبار. 4) في هذه السنوات الخمس يقام “كيان فلسطيني” عليه النجاح باختبار العمل ضد المقاومة “الإرهاب” والنجاح باختبار وقف التحريض ضد إسرائيل، والنجاح باختبار عدم إيصال أي دعم مالي لأي مقاومة لإسرائيل، والنجاح باختبار تعديل مناهج التعليم كي لا تتضمن أي فكرة ضد إسرائيل. 5) بعد سنوات الاختبار لخمس سنين يمكن القبول بدولة فلسطينية منزوعة السلاح، ومنزوعة الوطنية الفلسطينية، واكتفائها بكونها (دولة عيش) تؤمن العمل والخبز و و الخ، وليست (دولة سياسية).
المدخل لكل ذلك استعادة الرهائن الإسرائيليين لدى المقاومة وإعادتهم إلى ذويهم، وانكسار المقاومة في غزة والضفة والقضاء عليها، وضمان انسحاب حزب الله إلى شمال الليطاني والتعهد بعدم الهجوم على إسرائيل، وضمان معالجة الأذرع الإيرانية، سواء عبر المفاوضات الأمريكية الإيرانية، او بأي طريقة أخرى ولو عسكرية؛ إقامة سلام وتطبيع أكبر مع الدول العربية، خاصة الدول الغنية.
الخطير فيما يجري التحضير له ان حماس بدأت تحرض ضد الانظمة العربية، كما جاء في خطاب اسماعيل هنية، وكما يحدث في الأردن. وهذا ما يعيد التخوف العربي من النشاط الإخواني لتحقيق أهدافهم تجاه الدول العربية. والأخطر أن بعض الانظمة العربية تنسق مع أمريكا لمعالجة الأزمة الآنية دون التدقيق بمدى تأثير هذه المعالجة على الأمن القومي العربي، خاصة وأنها معالجة تقضي على القضية الفلسطينية وتعطي لإسرائيل الكثير من القوة والمدى دون تخليها عن سياساتها العدوانية ضد العرب، كل العرب، وضد كل بلد عربي، أي بلد عربي…… فهل يعمل العرب أن يتضمن أي اتفاق مع أميركا وإسرائيل إعطاء الفلسطينيين حقوقهم الوطنية، وانسحاب إسرائيل من كل الأراضي المحتلة، وضمان عدم اعتدائها على أي دولة عربية؟؟ هل يعمل العرب على ذلك؟؟؟
بوابة الشرق الأوسط الجديدة