دولة فلسطين وبقايا وطن ..
امتزجت هتافات الفرح مع عناق النصر باعلان دولة فلسطين دولة مراقبة غير عضو حقيقي في الجمعية العامة للأمم المتحدة والتي اعتبرها الرئيس محمود عباس بمثابة اصدار شهادة ولادة للوجودالحقيقي لدولة فلسطين بعد نضال استمر لسنوات طويلة …
انجاز عظيم اعتبره الفلسطينيون والمجتمع الدولي نصرا” للقضية الفلسطينة .. اذ أن هذا التحول يمنح الفلسطينيين حقوق الدولة من حيث القدرة على الانتماء الى المعاهدات الدولية ،ومنظمات ووكالات الأمم المتحدة .. اضافة لكونها استثمارا” في عملية السلام يحفظ للفلسطينيين ما تبقى من أرضهم .. ويفتح أفقا” للتفاوض حسب الشرعية الدولية ..
اعلان وحد الشعب الفلسطيني بجميع فصائله للأيام ،وجاء كضربة للدبلوماسية الاسرائيلية التي فشلت في تعطيل القرار.. وفتح أفقا” أمام شعب فلسطين المسحوق بالاحتلال الاسرائيلي منذ 65 عاما” أن النضال هو طريقه لاسترداد أرضه وحقوقه المسلوبة .. ولكن في العمق تبقى الحقيقة أن هناك الكثير من اللألاعيب الاسرائيلية بمباركة دولية تعيق القضايا المصيرية للشعب الفلسطيني ومنها حق عودة اللاجئين الفلسطينيين “فإسرائيل” لا تريد عودتهم، ولا تريد التعويض عليهم، بل تطالب العالم بالإقرار بقضية اللاجئين اليهود في “إسرائيل”، أي اليهود الذين كانوا يقيمون في الدول العربية وتدعي أنهم تركوها قسراً وإرهاباً ورغماً عنهم ، وتركوا وراءهم ثروات من الأراضي.
وحسب المشروع الإسرائيلي تطرح “إسرائيل” التعويض لهؤلاء الذين يقدر عددهم بما يقارب المليون نسمة. وتعتبر أن اللاجئين الفلسطينيين هم فقط الذين طردوا من فلسطين عام 48، وبالتالي عددهم هو العدد الذي كان في ذلك الوقت أي سبعمائة وخمسين ألف لاجئ. مما يعني أنه إذا كان الحل عن طريق التعويضات، فسيكون لـ “إسرائيل” في ذمة العرب والعالم مالاً، لأنها الأكثر تضرراً من اللاجئين الفلسطينيين..
وبالتالي إسقاط حق العودة وحق الإقامة لتصفية القضية الفلسطينية والواقع الفلسطيني الداخلي يساعد “إسرائيل” للأسف من تصعيد التوتر والخلافات بين حركتي فتح وحماس ..
“إسرائيل” تندفع في حملة في الخارج تريد من خلالها إسقاط حق العودة، وتندفع في حملة في الداخل لإسقاط حق الإقامة على “أرضها” لأن “إسرائيل” هي دولة يهودية! وهذا أمر خطير.
فهي تستنفر كل أجهزتها وإمكاناتها وطاقاتها، لربح قضاياها واقامة دولتها اليهودية على أرض فلسطين ليأتي قراراعلان فلسطين دولة غير مكتملة العضوية طعنة لسياستها الاستيطانية القائمة على رفض حق العودة والذهاب الى المعالجة بالتعويضات .. يعني توطين الفلسطينيين حيث يتواجدون أو توزيعهم على دول مختلفة وهذا سيثير مجدداً نزاعات سياسية ومذهبية في عالم عربي وإسلامي يحذر فيه الجميع من خطر الفتنة المذهبية التي تسعى “إسرائيل” إلى تسعير نارها ومدّها بكل العناصر.. وبعد أن كانت فلسطين دولة كاملة .. اليوم وصلت الى مرحلة السعي لاقامة دولة فلسطينية على 22 % فقط من أراضيها بعد أن خسرت ال 43 % في عدوان ال67 والباقي يحاول الاستعمار الاسرائيلي ضمه الى الدولة اليهودية باقامة المستعمرات الاستيطانية ليثبت الأرض له ويضيق على الفلسطينيين ..
فلسطين.. التي يحتفل شعبها العظيم بالاعتراف بهم دولة غير مكتملة يحز في نفسي .. أمام تخاذل المجتمع العربي ل65 عاما” مضت في بيعها وهم التحرير ووعود الخلاص وصفقات الأسلحة الفاسدة وشعارات الانسانية ودموع الحرقة على أطفال فلسطين .. في الوقت الذي كانت فيه اسرائيل تعمل على ارساء دعائم دولتها على أنقاض الدولة الفلسطينية ودماء الشعب الفلسطيني وتشتري دعم الغرب وأميركا وحكام العرب الذين تاجروا بالقضية الفلسطينية واشتروا مناصبهم وكراسيهم لسنوات طويلة على حساب شعوبهم ..
لأقف مع ذاتي تعيدني الذكرى الى لحظات روتها لي جدتي .. كيف هربوا من فلسطين سنة ال48 على أمل العودة وتوفيت هي وتوفي والدي بعدها والى اليوم ما زالت العودة حلما” … لذلك على الفلسطينيين التيقظ أن الاعتراف بفلسطين دولة غير مكتملة العضوية هو بداية لطريق طويل على جبهة النضال الانساني والوطني ..
اليوم نضال الشعب الفلسطيني وحده أوصله الى بداية الاعتراف به كدولة غير مكتملة على أمل أن تعود دولة كاملة كما كانت منذ بدء .. وستبقى على الأقل في قلوبنا ….