قادة ومرضى

تايتانيك صناعة محترفين أما سفينة نوح فصناعة هواة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الفرق الذي يمكن تمييزه بين أي رئيس دولة عظمى وآخر رئيس دولة صغرى هو “فائض القوة” …القوة التي يمكن استخدامها فعلياً، أو التلويح باستخدامها اسمياً… وحتى الآن لا يبدو أن الأمر سيصبح غير ذلك.

لكن الفرق بين رئيس ورئيس لدولة عظمى من الصنف الأمريكي هو…”قنبلة ذرية”.

لقد كان بوسع الرئيس الأمريكي “ترومان”، في نهاية الحرب العالمية الثانية، أن يعضّ على شفته السفلى “ويبتلع” إهانة “بيرل هاربر” حيث طائرات اليابان أغرقت أسطولاً في هذا الميناء… كان بوسع الرئيس انتظار انهيار حلف الفاشية الوشيك ، فيوفرعلى العالم الرعب، وتدشين العصر النووي على مسرح جثث بلا حدود.

أصدر ترومان الأمر بإلقاء القنبلتين على هيروشيما وناغازاكي...فانتهت الحرب ،واستسلمت اليابان . ولو لم يفعل ذلك… لكان تاريخه مكتوباً بسطر ذهبي يقول:”هذا هو الرئيس الذي لم يفعل ذلك”.

بعد أقل من مئة يوم من تنصيب الرئيس ترامب: أمر بقصف قاعدة جوية سورية، وكان بوسعه ألا يفعل…لكنه أعطى الإشارة الواضحة على تدشين عصر خطر. هو عصرالتحرش البطيء ،من اجل التدخل السريع ، حتى لو كانت القضية حسم خناقة في بار ضيق، يشرب فيه معاقون، بيرة مغشوشة على الواقف بدون تواليت… والجميع سود، لكن صاحب البار أشقر بشعر ذهبي عشوائي مبتسم.

أنا، أيضاً، يصلني احساس مقزز، من تصريحات مقاولين ممتلئين احتقارا: على السعودية أن تدفع لنا ثمن حمايتها.وعلى كوريا الجنوبية ،وعلى العراق، وربما على سورية لو كان معنا المبلغ. إلا أن ذلك قد حدث أيضاً ، بطريقة اخرى: ففاتورة صواريخ توماهوك التي قصفت قاعدة الشعيرات الجوية… أرسلت فوراً إلى الخليج والسعودية، مع الغش بزيادة عدد الصواريخ التي استخدمت. وهي من جيل قريب التنسيق لتجاوز الصلاحية.

يحق لنا ايضا ان نحس بالهلع، لألف سبب، ومنها، أن الحقيبة النووية بيد هذا الرئيس الاستعراضي؟

هلعي لن يذهب إلى مشاركة فريق أمريكي حفلة التعاويذ والسحر المليئة بدعاء أن يقيد الله ترامب، لإزالة خطره المحتمل على أمريكا والعالم.

لقد أضرم الأمريكيون المزيد من الأبخرة، وأطلقوا المزيد من الدعوات بعد التقرير الذي نشرته صحيفة “الأندبندت” البريطانية الذي يقول فيه طبيب معالج في علم النفس بجامعة “هوبكنر” وهو الدكتور “غارتنر”:

“علينا واجب أخلاقي بأن نحذر الشعب الأمريكي بخصوص المرض العقلي الخطير الذي يعاني منه دونالد ترامب. إنه مصاب بجنون العظمة. وبالكذب. وبالنرجسية.

ترامب كاذب. نرجسي. ومجنون عظمة. وعالم فواتير. ولا يخاف. لأن صخرة العاقل احتاجت بضعة أقوياء لرفعها، بينما صخرة المجنون احتاجت للآلاف. إنه يخيفنا على عالمنا، على العصر، والعالم، والكون. وكل ما في هذه الطبيعة من الثروة والجمال.

هذا هو الخوف من الجنون… إن أزرار الحقيبة النووية تدمر العالم عشر مرات، ولمداعبة شركاء الملكية الحصرية للاسلحة النووية… يعدهم بأن يختاروا تدمير ما يتبقى.وهو طبعا لاشيء سوى الصراصير.

جنون العظمة… لايذكر ، الشخصيات التاريخية ، والكاريزمات المعتبرة…فهؤلاء “قادة”، وإنما بشخصيات كاريكاتيرية مثل القذافي وترامب… فهؤلاء “مرضى”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى