المقاومة تترقّب التنفيذ… تحت ضغط الحدود
مع انتهاء المهلة التي منحتها فصائل المقاومة الفلسطينية لدولة الاحتلال، أبلغ الوسطاء حركة «حماس»، أول من أمس، بأن الحكومة الإسرائيلية ستعيد، رسمياً، أوضاع قطاع غزة إلى ما كانت عليه قبل معركة «سيف القدس»، بعد التوصّل إلى اتفاق على توزيع المنحة القطرية، وقرار بإعادة فتح معابر القطاع بشكل كامل. وبحسب ما علمته «الأخبار»، فقد تواصلت الاتصالات بين قيادة «حماس» وجهاز المخابرات المصرية طيلة اليومين الماضيين، ليطلب المصريون من الحركة، بعد إعلان الأخيرة إقامة مهرجان في ذكرى إحراق المسجد الأقصى على الحدود الشرقية لمدينة غزة، عدم الانزلاق إلى اشتباك وتصعيد. وجاء ذلك إثر تأكيد تل أبيب للقاهرة انتهاء ترتيبات إدخال المنحة القطرية مطلع الشهر المقبل، وفتح معابر غزة أمام جميع البضائع، بما فيها مواد إعادة الإعمار. لكن الفصائل أكدت، للمصريين، أن خطوات الضغط الميداني ستتواصل خلال الفترة الحالية إلى حين دخول المنحة القطرية بشكل فعلي، بالإضافة إلى عودة عمل المعابر بصورة طبيعية، والبدء في إعادة الإعمار، والسماح بدخول المواد التي تُستخدم في البنية التحتية، بالإضافة إلى مستلزمات البناء.
وانطلاقاً من ذلك، رفضت «حماس» طلباً مصرياً بنقل المهرجان بعيداً عن المنطقة الحدودية خشية حدوث اشتباكات بين الجماهير الفلسطينية وقوات الاحتلال، الأمر الذي دفع المصريين إلى الطلب من الحركة ضبط الجماهير، في الحدّ الأدنى، كي لا تتوجّه إلى السلك الحدودي. لكن «حماس» أبلغت القاهرة أنه ليس من ضمن برنامج المهرجان الاشتباك مع الاحتلال في المنطقة الحدودية، مستدركة بأن أيّ اعتداء إسرائيلي على الجماهير سيواجَه بتصعيد وردّ قوي من قِبَل المقاومة. وستنظّم الفصائل، مساء السبت، مهرجاناً جماهيرياً حاشداً في منطقة ملكة شرق مدينة غزة في ذكرى إحراق المسجد الأقصى، كرسالة رفض لاستمرار العدو في فرض الحصار على القطاع، وتشديد على أن ما لم يؤخذ بالعدوان، فلن يؤخذ بالحصار. وكانت «حماس» حذّرت الوسيط المصري، مساء الخميس الماضي، بحسب المصادر، من أنها في ظلّ الوضع الحالي، واستمرار إسرائيل في التضييق على الغزّيين، لا تستطيع السيطرة على الوضع، وأن انفجاراً جماهيرياً قد يحصل على الحدود في وقت قريب، فيما قد يؤدي تزايد الضغط إلى عودة تنقيط الصواريخ على مستوطنات الغلاف. ومع إصرار الفصائل على إقامة المهرجان على حدود غزة، أعلن جيش الاحتلال رفع حالة التأهّب واليقظة على طول الحدود مع القطاع، خشية أن يتحوّل السبت إلى يوم غضب ضدّ إسرائيل، تُنفَّذ خلاله عمليات اقتحام للحدود.
في هذا الوقت، بدأت الانتقادات الإسرائيلية لحكومة الاحتلال على خلفية تراجعها عن القيود المفروضة على غزة، خلافاً لتصريحات سابقة لقادتها بنيّتهم تغيير الواقع في القطاع. إذ اعتبر المحلّل في صحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية، أليؤور ليفي، أن «الاتفاقية المُوقَّعة بين قطر والأمم المتحدة ليست سوى استمرار لنقطة اللاعودة، لقد اعتادت حماس على تمرير الأموال لسكّان غزة، وفرضت ذلك على إسرائيل بحيث لا يمكنها العودة إلى الوراء، حتى لو كان ثمن الحصول عليها مواجهة عنيفة». وأضاف أن «الاعتماد على قطر قد يمنحنا بعض الهدوء على المدى القصير، وربّما حتى على المدى المتوسّط، لكن في الوقت الحالي ستستمرّ حماس في إعادة التأهيل، وتحسين وإنتاج الصواريخ، ومحاولة خلق مفاجآت جديدة لنا. لقد حصلت على منحة وإغاثة بينما لم تحصل إسرائيل على تقدّم أو حلّ لقضية الأسرى والمفقودين». من جهته، أشار المحلّل في قناة «كان» العبرية، غال بيرغر، إلى أن «كلّ التنازلات التي رفضت إسرائيل منْحها لحماس تعود إليها شيئاً فشيئاً… لا يتعلّق الأمر بعد بإعادة إعمار قطاع غزة، لكن لا تقلقوا فهذا سيأتي أيضاً… سيكون الاختبار التالي لإسرائيل هو ما إذا كانت إعادة إعمار قطاع غزة أو الترويج لمشاريع ضخمة هناك سيكونان مشروطيْن بالفعل بعودة الأسرى والمفقودين الإسرائيليين… سيكون الاختبار التالي من السنوار هو: متى سينفد صبره في ظلّ هذا الوضع في إسرائيل».