«قسد» تواصل حصار مناطق الحكومة: الوساطة الروسية بلا نتائج
دخل الحصار الذي تنفّذه مجموعات «قسد» على مناطق سيطرة الجيش السوري في مدينتَي الحسكة والقامشلي أسبوعه الثالث، مع استمرار إغلاق جميع الطرق الواصلة إلى هذه المناطق، ومنع وصول المواد الغذائية والمحروقات والطحين إليها. وشدّدت «قسد» حصارها من خلال التضييق على المدنيين الراغبين في الدخول والخروج من هذه المناطق وإليها، ومنع الآليات الخاصّة من نقل طلاب المدارس، ما أدّى الى تعثّر انطلاق الفصل الدراسي الثاني في المدارس الحكومية. ويُضطر السكّان إلى عبور طرقات ترابية، والسير مسافات بعيدة على الأقدام، للوصول إلى مناطق سيطرة الجيش، وقضاء حاجاتهم، في ظلّ صعوبة في إدخال المواد الغذائية لذويهم.
على جسر النشوة الشرقية الفاصل بين مناطق سيطرة الجيش السوري و«قسد»، يقطع العمّ أبو أحمد (77 عاماً) طرقاً ترابية وعرة للوصول إلى عيادة أحد الأطبّاء لمتابعة علاجه، والحصول على الرعاية الطبّية والأدوية. ويقول أبو أحمد، لـ»الأخبار»، إنه «يكابد على نفسه ويتحمّل ظروف مرضه للوصول إلى وسط المدينة، ومتابعة علاجه الذي يحتاج إلى رعاية طبّية دورية». ويلفت الرجل المسنّ إلى أن «ما يحصل من حصار بحق الأهالي لا يُطاق، ويجب أن يفتحوا الطرقات»، فيما يشير الشاب محمد، الذي عاد للتو من تقديم امتحاناته الجامعية في كلية التربية، إلى أنه «شعر بأنه يدخل بطريقة التهريب، في ظل التضييق على وصول الطلاب لتقديم الامتحانات»، مضيفاً أنه «يواجه صعوبة في تأمين الطعام والخبز لأهله في ظلّ اقتراب نفاد ما هو متوفّر في المحالّ التجارية في وسط المدينة المحاصر». من جهته، يتحدّث خالد عن أن «منزله يعيش في ظلام دامس ليلاً، في ظل نفاد المحروقات الخاصة بتشغيل مولّدات الاشتراك، وعدم وصول التيار الكهربائي إلا لساعة واحدة فقط يومياً، ما خلّف آثاراً نفسية صعبة على أسرته». كذلك، يعاني أصحاب محالّ الخضر والمواد الغذائية من نقص في البضائع، في ظلّ إغلاق الطرقات الرئيسة والفرعية الواصلة إلى أحياء وسط المدينة، ما يهدّد بنفاد المواد الغذائية.
وسط ذلك، خرج العديد من الأهالي، في مسيرات جابت شوارع مدينتَي الحسكة والقامشلي، وتوجّهت نحو الحواجز، في محاولة لكسر الحصار، وفتح الطرقات. وواجهت «قسد» تلك التحرّكات بإطلاق الرصاص في الهواء، وفرّقت المحتجّين بالقوة، مُجدّدةً رفضها فتح الطرقات أمام حركة المدنيين في المدينتين. وتبرّر وسائل إعلام كردية تابعة لـ»الإدارة الذاتية» الكردية، الحصار المفروض على الأحياء في القامشلي والحسكة، بأنه «ردٌّ على حصار الجيش السوري لحيَّي الأشرفية والشيخ مقصود وبلدة تل رفعت في محافظة حلب»، مؤكدة أن «الحصار سيستمرّ على المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة في القامشلي والحسكة، لحين فكّ الحصار عن المناطق المذكورة في حلب».
في هذا الوقت، استمرّت الجهود الروسية لإيجاد تسوية تنهي الحصار، وذلك من خلال عقد اجتماع في مقرّ «مركز المصالحة الروسي» في مدينة القامشلي بين ممثّلين عن الجيش السوري، وآخرين تابعين لـ»قسد» و»الأسايش». ووفق مصدر اطّلع على وقائع الاجتماع، فإن «قسد كرّرت مطالبها بفكّ الحصار عن الشيخ مقصود والأشرفية وتل رفعت، مع المطالبة بالإفراج عن 450 موقوفاً في حلب وريفها، والسماح لجرحاها بالعلاج في المشافي العسكرية في دمشق». وأضاف المصدر أن «الردّ الحكومي كان بنفي وجود أيّ حصار على المناطق المذكورة التي تسير الحركة فيها بشكل طبيعي، مع نفي وجود أيّ معتقل من قسد في حلب وأريافها». وتابع أن «الجهات الحكومية تعتبر أن قسد تختلق أموراً غير موجودة في الواقع، بهدف تنفيذ أجندات بتعليمات من الاحتلال الأميركي». وكشف أن «الجانب الروسي طلب من قسد رفع الحصار مؤقتاً، لحين البحث والتدقيق في طلبات قسد مع الحكومة السورية، بسبب تضرّر المدنيين بشكل كبير من آثار الحصار، لكن الطلب الروسي قوبل بالرفض».
وبالتزامن مع الحديث عن «حصار» الحكومة السورية لمناطق في حلب وريفها، كان بارزاً وصول وفد من «مسد»، برئاسة الرئيس التنفيذي إلهام أحمد، إلى بلدة فافين في ريف حلب الشمالي، قادماً من القامشلي، بعد عبور حواجز للجيش السوري، تدّعي «قسد» إغلاقها أمام حركة الأكراد. وألقت أحمد كلمة قالت فيها إن «النظام السوري كمّم أفواه السوريين المعارضين»، مضيفة أن «تطوير أواصر الأخوّة بين مكوّنات الشعب السوري وتقويتها هي من أهمّ الحلول لإنهاء الاستبداد والاستعمار». بدوره، ادّعى المتحدث الرسمي باسم «الإدارة الذاتية»، لقمان أحمي، في تصريحات إعلامية، «عدم وجود أيّ إجراءات جديدة من قِبَل الإدارة الذاتية في مدينة الحسكة، لكن النظام يتحرّش ويضايق المدنيين لدى دخولهم وخروجهم في المربع الأمني ومناطق سيطرة النظام». وأضاف أحمي أنه «لا صحّة للأنباء التي تتحدّث عن إعطاء الإدارة الذاتية أيّ مهلة للخروج من الحسكة».
صحيفة الاخبار اللبنانية