قلع ضرس متمرد
تمددتُ على الكرسي في عيادة طب الأسنان، فتحتُ فمي إلى أقصاه، راح الطبيب يملأ إبرة الحقن بمخدّر، ثم حقنها في كل نواحي خدي الأيسر يريد قلع الضرس بعد أن يئس من معالجته، شعرتُ بوجهي يتورم وبثقل ، وبخدر يشلّ نصف خدي الأيسر.
أخذ الطبيب يشرح المعارك الجراحية التي سيخوضها ، وبدأ باستخدام الأدوات الطبية المعقمة محاولاً الابتسام ليهدئ من روعتي ، لكنني كنت خائفاً رغم أني فقدت قدرتي على الإحساس بالألم ، يعزّ علي أن أفقد ذلك الضرس الذي أصبح جزءاً مني، وأن أسعى بنفسي إلى اقتلاعه من جذوره ، وشعرت أن اقتلاع ضرسي يعني فقدان جزء عزيز من أعضائي، وهذا الشعور حرّك أوجاعي ، ومع ذلك كنت في قرارة نفسي أرفض إزالته مهما كان بي من ألم ومهما سرق النوم من عينيي !
بدأ الطبيب بقلع الضرس ، دموع غزيرة تتجمع في مقلتي صرختُ من الألم ، توقف الطبيب قائلاً: يبدو أن الضرس يضرب بجذوره في أعماق اللثة، جذره ثابت وقوي وسيحتاج إلى المزيد من المخدر ، تساءلت في نفسها : المزيد من المخدر يعني المزيد من الورم.
انتظر الطبيب بعض الوقت ليعاود عمله بعد أن تأكد من مفعول المخدر، شعرتُ أن وجهي متورماً، شلل كامل يمتد إلى جميع أنحاء رأسي ! لا يزال الطبيب يحاول قلع ضرسها الرافض مغادرة مكانه، مزيد من الدموع الغزيرة تسيل على وجنتي، تسقي ملامح وقسمات وجهي، كيف أطيق أن يصبح مكانه فارغاً؟
بحركة رشيقة أنهى الطبيب مهمته، يرفع لي ضرسي قائلاً: انتهيت يا عزيزي، هذا هو ضرسك العنيد! شعرت بطعم غريب في فمي، وضع قطعة من القطن مكان الضرس ،تناولت كأس الماء للتخلص من آثار الدم، طمنني الطبيب: اليوم ستنام ولن تشعر بالألم بعد اليوم.