كورونا و الإستبداد و ” دولة الأقزام “

 

خاص باب الشرق

كيف لزعيم بلد مهم كتركيا ان يحولها إلى ( دولة أقزام) ؟؟ وهذا الوصف هو لمنظر حزب العدالة والتنمية، وصاحب نظرية ( العمق الإستراتيجي) التي نظرت لإمتداد الدولة التركية شرقاً لتشمل دول الإتحاد السوفييتي السابق، وتمتد جنوباً لتضم دولاً عربية حكمتها السلطنة العثمانية، مع الإتجاه غرباً إلى أوروبا من بلقان ويونان وغيرهما. صاحب هذه النظرية، أحمد داوود أوغلو، أحد أهم مساعدي ومستشاري أردوغان و وزير خارجيته ورئيس وزراءه سابقاً وهو من نفخ في رأسه أوهام استعادة الإمبراطورية العثمانية، والذي أبعده أردوغان في إطار توجهه للإستفراد بالحكم والتوجه إلى النظام الرئاسي، الذي جعل أردوغان السلطان أردوغان، بكل ما يحمل اللقب من صفات الإستبداد والدكتاتورية .

و في العودة للإجابة على السؤال الأول حول تحويل بلد مهم إلى ( دولة أقزام)، يجيب أحمد داوود أوغلوأن إعتماد أردوغان على إشاعة الخوف في البلاد، وسعيه إلى جعل وظيفة السلة الأساسية لتخويف الشعب و إخضاعه، وطبعاً تخويف الشعب لا يتم إلا برفع المستبد الدكتاتور إلى مصاف الآلهة.

كما أن التحول أو الإنحدار إلى ( دولة الأقزام) كان نتيجة الخطوة الحاسمة التي نقلت تركيا من دولة إلى ( شركة دعاية)، ويؤكد أحمد داوود أوغلو أن مصائب الدولة لا تحل عبر الحملات الدعائية، وأن الأزمات لا تعالج بالضخ الإعلامي والاحتفالات الاستعراضية بالسياسات المبهرجة والكاذبة، وأن توجه الدولة التركية لتكون (شركة دعاية) ليس إلا حرمان البلاد من الوسيلة الناجعة لمعالجة المصائب، وهي إعتماد الجدية بعيداً عن العنتريات، وبسلوك العمل المؤسساتي بعيداً عن مزاجية القابضين على السلطة، وبالحرص على تكريس الديمقراطية وحكم القانون لا اللجوء إلى الإحتفالات الدعائية والإعلام النافخ بالسلطان لإضفاء الشرعية على الإستبداد والدكتاتورية والفساد الإستغلالي والمتسلط.

و ضمن آليات الإستبداد الأردوغاني، في تخويف الشعب إتهامه بالتأمر للإنقلاب على النظام، وفي الأسابيع الأخيرة، ضخت دولة أردوغان وشركته الدعائية رسائل التخويف من حدوث إنقلاب بشكل كثيف، كتمهيد ربما لإعتقالات واسعة بدأها بإعتقال مئات من القضاة الذين تخوف من فتح ملفاته في الفساد، وكل هذا الذعر السلطاني وترجمته بتخويف الشعب وإعتقال رموزه، كل ذلك لا لشئ إلا لأن الناطق بإسم حزب الشعب قال أن ( نهاية نظام القصر اقتربت) وتسمية نظام أردوغان بنظام القصر, سببها أنه منذ شهرين و مع بدء إنتشار وباء كورونأ ترك العاصمة أنقرة وأستراح في قصره العثماني السلطاني في أسطنبول، لدرجة أن أحمد داوود أوغلو قال أن مصائب تركيا تستلزم قبل كل شئ عودة الرئيس إلى العاصمة. و خروجه من مخبئه في أسطنبول.

أردوغان، ومع إنتشار فيروس كورونا في تركيا وفشل حكومته في التصدي له وحماية الشعب منه، دفع تركيا أكثر لتنزلق إلى دولة أقزام متحولة إلى ( شركة دعاية) و آلة سلطوية لتخويف الشعب، فهل سيؤثر هذا المآل الأردوغاني على النظام الإقليمي الآخذ بالتشكل في المنطقة؟؟ و هل يمكن أن يدفع تركيا إلى الصفوف الخلفية في ترتيب الدول الديمقراطية؟؟ وهل سيشد الشعب التركي إلى النزول من مراتب الدول الصاعدة إقتصاديا”؟؟؟ وهل يحدث كل ذلك بسبب جنون النطام الأردوغاني في تبني تنظيم الإخوان المسلمين و كل منوعاته الإرهابية في محاولة السيطرة على سورية باعتماد الإرهاب أوالعملاء، وسكوت أوغلو عن جرائم النظام الأردوغاني ما هو إلا بسبب تورطه هو أيضاً في التآمر على سورية ؟؟

أردوغان ليس تجربة فقط بل هو صفحة في تأريخ التطور السياسي، خاصة للحكام الذين يعتمدون مع الإرهاب التكفيري على التفاهة،  ويستبدلون العمل الجاد بالإستعراض الدعائي، ويبدلون التعاون مع الجوار بمحاولة التأمر عليه ودفع الإرهاب لتخريبه وتدميره وتقسيمه..

ما زلنا نقرأ فعل كورونا وما تكشفه من حقائق تجاه تطورات الدول والمجتمعات وتأثيرها على شكل و طبيعة الدول في النظامين الإقليمي والدولي  الآخذين بالتشكل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى