‘كيوبس’ يسبر أغوار الكواكب
ينطلق التلسكوب الفضائي “كيوبس” الثلاثاء من قاعدة كورو الفضائية في غويانا الفرنسية لمحاولة فهم تكوين الكواكب الخارجية، في إطار السعي المزمن لتحديد أشكال الحياة المحتملة خارج الأرض وأيضا لتحديد أسرار تكوّن كوكبنا.
ورُصد حوالى أربعة آلاف كوكب خارجي (أي كواكب تدور حول نجم آخر غير الشمس)، منذ اكتشاف أولى هذه الكواكب واسمها “51 بيغاسي بي” قبل أربعة وعشرين عاما.
وأوضح المسؤول العلمي عن المهمة التي تقودها سويسرا ووكالة الفضاء الأوروبية ديفيد إيرنريش “نعلم أن هناك كواكب في كل مكان وأن ما يقرب من نصف النجمات تملك مجموعتها من الكواكب. نريد حاليا تخطي الجانب الإحصائي ودراستها تفصيليا”.
ولا يهدف تلسكوب “كيوبس” (وهو اختصار “كاراكتيرايزينغ إكزوبلانيت ساتيلايت”) تاليا إلى كشف كواكب جديدة بل إلى تحليل تلك التي جرى التعرف إليها سابقا. هذا التلسكوب المحمول على متن قمر اصطناعي سيدور حول المدار على بعد 700 كيلومتر فوق الأرض كي لا يتأثر بالاضطرابات الحاصلة في الغلاف الجوي، وسيكون مكشوفا على السماء بأسرها وظهره إلى الشمس.
أما هدف هذا التلسكوب فهو تحليل ما لا يقل عن 400 منظومة كواكب تبعد الواحدة عن الأخرى بضع مئات من السنوات الضوئية، وهي “الضاحية القريبة” للشمس قياسا لمجرة درب التبانة.
وبما أن الكواكب متباعدة بدرجة كبيرة لا تتيح رؤيتها، ستكون درجة اللمعان القوية لنجماتها مقياسا، إذ سيجمع “كيوبس” التبدلات المتناهية الصغر في مستوى الإضاءة جراء مرور كوكب أمام نجمه المضيف.
ومن خلال مقارنة الضوء المنبعث من النجم قبل المرور وبعده وخلاله، سيتمكن علماء الفيزياء الفلكية من استخلاص حجم شعاع الكوكب بدقة غير مسبوقة.
وهذه البيانات بشأن الشعاع مضافة إليها المعلومات المجمعة عبر التلسكوبات الأرضية بشأن الوزن ستتيح قياس الكثافة، وهو عامل أساسي لتحديد تكوين الكوكب. وهذا المعيار الأخير ضروري لتحديد احتمال أن يكون كوكب ما قادرا على إيواء كائنات حية.
ومن المعلوم حاليا أن بعض الكواكب موجودة في المناطق القابلة للسكن في نجمها، أي تحديدا عند النطاق الذي تتيح فيه درجة الحرارة بوجود المياه بشكلها السائل وحيث يمكن أن توجد الحياة بشكلها المعروف.
والفائدة من “كيوبس” تكمن في إمكان التفريق بين كوكبين بوزن متطابق موجودين في هذه المنطقة القابلة للسكن. وقال ديفيد إيرنريش “إذا ما كانت كثافة الكوكب الأول عالية فهذا معناه أنه مكون بشكل أساسي من صخور مع غلاف جوي صلب رفيع. إذا ما كانت كثافة الكوكب الثاني ضعيفة، فإنه سيكون كوكبا مؤلفا من الغاز مع غلاف جوي شديد السماكة”.
ولن يكون وجود مياه سائلة ممكنا سوى على الكوكب الأول. “وبالتالي إذا ما كان الهدف هو الذهاب للبحث عن آثار حياة، فسيقول “كيوبس” لنا ما هي الكواكب التي يتعين التركيز عليها” من خلال التلسكوبات الأقوى مثل مقراب جيمس ويب المستقبلي، وفق إيرنريش.
وينطلق “كيوبس” من قاعدة كورو في غويانا الفرنسية على متن صاروخ سويوز عند الساعة 05,54 بالتوقيت المحلي (09,54 بتوقيت غرينيتش). وتستمر المهمة ثلاث سنوات ونصف السنة.
ميدل إيست أونلاين