لأول مرة في تاريخ سورية : حكومة الحلقي وقرار صعب قبل أن تغادر!
خاص
أثار القرار الاقتصادي الذي اتخذته الحكومة السورية مؤخرا ردود فعل كثيرة تشي بصراع ديمقراطي ستشهده قبة مجلس الشعب الجديد، وكانت أبرز ردود الأفعال إعلان بعض أعضاء مجلس الشعب أن هذا القرار يحتاج إلى مراجعة، ودعوة ((مجد نيازي)) أمينة أحد أحزاب معارضة الداخل إلى الاعتصام ..
والحكومة السورية التي يترأسها الدكتور وائل الحلقي غدت حكومة تسيير للأعمال، منذ دعا الرئيس بشار الأسد مجلس الشعب المنتخب لعقد جلسته الأولى، وعلى هذا الأساس ارتفعت بعض الأصوات تتعلق بشرعية وقانونية القرارات الأخيرة ومدى مطابقتها لمواد الدستور السوري، لكن ردا مقتضبا لأحد المحامين حسم المسألة بأن ماحصل هو إجراء ضمن القانون !
بدأت القصة عندما راجت في بعض الصحف العربية ووسائل التواصل أنباء عن التوقعات المتعلقة بنشكيل الحكومة الجديدة، والتي طرحت مجموعة أسماء من بينها : الدكتور عماد خميس ، وهلال هلال ، وعمار الساعاتي ، وفارس الشهابي كخيارات يمكن أن تقوم بمهمة تشكيل الوزارة، وقد تزايدت الأمال بأن تكون الحكومة الجديدة أشد حرصا على المواطنين في مسائل الحياة المعيشية ..
لم يصدر أي قرار يتعلق بتشكيل الوزارة، بل فوجئ السوريون بتسريبات عن قرارات تعد لرفع أسعار الغاز والمازوت والبنزين، وهذا يعني موجة غلاء كبيرة تعقب صدور القرارات ومالبثت القرارات أن صدرت فعلا، وقالت وكالة أنباء سانا السورية إن وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك جمال شاهين أصدر ثلاثة قرارات بتعديل سعر ليتر البنزين ليصبح 225 بدلا من 160 ليرة وسعر ليتر المازوت ليصبح 180 ليرة بدلا من 135 ليرة وسعر أسطوانة الغاز المنزلي ليصبح 2500 بدلا من 1800 ليرة.
وهذا يعني أن الأسعار سترتفع تلقائيا بنسبة ثلاثين بالمائة، مما أشعل أصوات الاحتجاج في وسائل التواصل الاجتماعي، خاصة وأن الصحافة لم تنشر وجهات نظر احتجاجية، وكانت أبرز الاحتجاجات هي من أعضاء مجلس الشعب، حيث كتب النائب الفنان عارف الطويل على صفحته في موقع الفي سبوك إن القرارات تستلزم مناقشة أمام مجلس الأحد في مجلس الشعب لأن الحكومة هي حكومة تسيير أعمال..
ثم قام الفنان المذكور بتعديل وجهة نظره بعد تأكيد المحامي نزار سكيف شرعية القوانين من الناحية الدستورية، موضحا أن الحكومة لها صلاحيات إصدار القرارات وفق الاختصاصات التي منحها لها الدستور في المادة 128 ولوكانت بحكم المستقيلة أو حكومة تصريف أعمال حيث أن تصريف الأعمال يعني القيام بكافة الصلاحيات حتى يؤدي الوزراء الجدد اليمين الدستورية .لكنه عقب على الرأي القانوني بقوله: سنبقى ضد هذا القرار والعمل على تعطيله واحالته الى المحكمة الدستورية ، ولكن قبل أن نختلف على قانونية القرار دعنا ننظر إلى النتائج الإجتماعية والإقتصادية الكارثية بحق المواطن الفقير.
وفي خطوة ثالثة متأخرة دعا عارف الطويل قراء صفحته لأخذ العلم أنه لم يدع إلى فتنة أو فوضى، حيث ((لم أدع أحدا للإعتصام أمام مبنى مجلس الشعب ، وأي تجمع او فعالية يجب أن يكون ضمن التراخيص والقوانين السورية))، وأضاف : ((انا مع دولة المواطنة والقانون ولست مع الفوضى التي يمكن ان تخدم العدو لا الصديق.))..
النائب الياس مراد، وهو رئيس لاتحاد الصحفيين في سورية كتب بتعقل أن رفع الاسعار لبعض المواد الاساسيه في هذا الوقت يطرح جملة من الاسئلة اولها… ان هذه الزياده ستنعكس على جميع السلع .في وقت تحاول فيه الحكومه ضبط السوق عبثا . ثانيا هل هي كرة نار وضعتها الحكومه امام مجلس الشعب الجديد لتحرجه شعبيا ..وثالثا . مهما كانت الظروف ضاغطه ..فان نسبة الزياده عاليه وتشكل عبئا كبيرا على كاهل ابنا ء الشعب السوري الصامد… نحن نعرف ان مبلغا شهريا سيمنح للعاملين والعسكريين و المتقاعدين لكن هذا لا يفي بالغرض. ونبه النائب الياس مراد إلى أن مجلس الشعب امام مسؤولية كبيره ..فان لم يستطع الالغاء فعليه النضال من اجل تخفيض نسبة الزيادة.
أما الصحفي نبيل صالح الذي يعرف بالمشاغب والذي أصبح عضوا في مجلس الشعب، فقد أعلن لموقع ((بلدنا)) وهي صحيفة خاصة سابقة (( سننعمل داخل البرلمان مع كتلة وطنية علمانية لتفعيل دوره شبه المعطل في مراقبة عمل الحكومة خلال دورات سابقة ، أي أننا سنعمل كفريق إصلاحي بالتعاون مع خبراء في شتى المجالات، ومع الجلسات الأولى ستتابعون طروحات جديدة لايمكن للحكومة أن ترفضها ـ غير أن استجواب الحكومة سيكون رهنا بتوجه الكتلة البعثية ذات الأغلبية النيابية، لهذا سيكون مصطلح “الإستماع” إلى الحكومة أقرب إلى الواقع من “الإستجواب” الذي يمكن أن يطالب به أي عضو منفرد لاستجواب وزير منفرد، لاأكثر.
وكانت صحيفة الوطن السورية قد نشرت تقريرا عن جلسة الحكومة الأخيرة، وسألت : هل هي جلسة الوداع؟ وفي التفاصيل نقرأ حرفيا : ناقش مجلس الوزراء في جلسته الأسبوعية برئاسة د.وائل الحلقي الوضع الاقتصادي والخدمي مشيراً إلى الإجراءات الحكومية المتخذة لضبط واقع الأسعار في الأسواق وتعزيز استقرار صرف الليرة السورية والتخفيف من الأعباء المعيشية عن المواطنين من خلال القرارات والإجراءات التي اتخذتها لجنة رسم السياسات الاقتصادية ومجلس الوزراء واللجان التابعة له ومن خلال العمل بروح الفريق الواحد والتكاملية والتشاركية بين كل السلطات في اتخاذ القرار الصائب والناجح.
وأكد الحلقي أن الحكومة تتابع إجراءاتها لتعزيز الصمود الوطني وتأمين متطلبات الشعب السوري من خلال سلسلة من الإجراءات والقرارات ساهمت في تعزيز مخزون البنك المركزي من القطع الأجنبي لتأمين استمرارية التدخل وتمويل النشاطات وتعزيز المخزون الإستراتيجي من القطع الأجنبي بالإضافة إلى ترشيد الاستيراد وتفعيل العملية الإنتاجية وتفعيل عملية التصدير ومكافحة التهريب وضبط المنافذ الحدودية وإصلاح السياسات الضريبية وترشيد الإنفاق الحكومي واتخاذ حزمة من الإجراءات لتحسين معيشة المواطن.