مآلات الوجود التركي في سوريا بعد الانسحاب الأميركي

 

ما هي الأهداف الحقيقية من التواجد التركي في شمال سوريا ؟ هل ثمة إتفاق تركي أميركي بخصوص سوريا؟ هل عملية منبج هي العملية الأخيرة للجيش التركي في شمال سوريا ؟ هل هناك استرتيجيات نحو التمدّد التركي في العراق وسوريا ؟. ولماذا مدينة منبج؟ وهل مشكلة القومية الكردية ترهق تركيا ؟ وهل وقع أوردغان في الفخ الاميركي ؟ تساؤلات كثيرة نسعى للإجابة عنها في هذا المقال وما لم نستطع إجابته ربما تجيب عنه الأيام القليلة القادمة أو الوضع العسكري الميداني في شمال سوريا .

مع بداية الأزمة السورية كانت أعلنت تركيا ذريعتها في التدخّل في سوريا محاربة تنظيم داعش وتحجيم أيّ دور للكرد، اتسعت رقعة النفوذ التركي شمالي سوريا على نحو غير مسبوق، منذ أن أطلقت أنقرة عملية (درع الفرات ) في أغسطس 2016 بحجّة مواجهة الجماعات الكردية المسلّحة، التي تعتبرها أنقرة امتداداً لحزب العمال الكردستاني المحظور في تركيا. وقد ذهب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى أبعد من سوريا، حين هدّد في مارس من هذا العام بدخول القوات التركية إلى سنجار( كردستان العراق ) شمالي العراق “لتطهيره من العناصر الكردية”، على حد قوله.

وجاء تصريح أردوغان بشأن استعداد جيشه لشنّ عمليات “أكثر فاعلية” شرقي نهر الفرات، حيث تتمركز وحدات حماية الشعب الكردية، ليزيد المخاوف من التمدّد التركي في سوريا، الآخذ في الاتّساع . ونشرت وكالة الأناضول التركية أن تركيا تواصل تعزيز وجودها العسكري على حدودها مع سوريا، حيث وصلت تعزيزات عسكرية جديدة، الأحد الماضي، إلى ولايات شانلي أورفة وغازي عنتاب وماردين التركية. ودعت ميركل أردوغان للردّ على الانسحاب الأميركي من سوريا “بضبط النفس وإبداء المسؤولية” وذكرت وكالة “الأناضول” أن رتلاً عسكرياً يضمّ مدافع، انطلق من ولاية هطاي (جنوب) متوجّهاً إلى ولاية غازي عنتاب، مشيرة إلى أن التعزيزات سيتم نشرها في الوحدات العسكرية المنتشرة على الحدود مع سوريا. وفي ولاية شانلي أوروفة (جنوب شرق)، وصل رتل يضمّ مدرّعات عسكرية إلى الولاية قادماً من ولاية وان (شرق) ليجري نشرها لاحقاً في الشريط الحدودي. وكانت تعزيزات عسكرية قد وصلت في وقت سابق من يوم الأحد، على متن طائرة انطلقت من محطة “عارفية” بولاية صقاريا شمال غربي البلاد، إلى محطة “باش بينار” في غازي عنتاب. ومنذ أيام، تتوالى تعزيزات الجيش التركي إلى المنطقة وسط ترقّب لإطلاق عملية عسكرية ضدّ المقاتلين الكرد المتمركزين في شمالي سوريا. تأتي هذه التحرّكات بالتزامن مع تأكيد أنقرة المستمر على عزمها القيام بعملية عسكرية، خاصة بعد إعلان الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، في 19 ديسمبر، عن سحب قوات بلاده من سوريا. وكانت أنقرة تخطّط لوضع يدها على مدينة منبج، أحد أبرز المراكز الكردية بشرق سوريا، لضمّها لاحقاً إلى “منطقة آمنة” أنشأتها تركيا سابقاً في شريط حدودي يمتد بين مدينتي إعزاز وجرابلس.

وعن قصة منبج (مدينة في شمال شرق محافظة حلب في شمال سوريا، على بعد 30 كم غرب نهر الفرات و80 كم من مدينة حلب) منذ بداية الأزمة السورية ففي 2011، شاركت منبج في الاضطرابات السورية، وفي يناير/ كانون الثاني 2014 سيطر تنظيم داعش على المدينة، وفي يونيو/ حزيران 2016 شنّت قوات سوريا الديمقراطية، وهي قوات في غالبيتها كردية، هجوماً على منبج من أجل استعادة السيطرة على المدينة، تحت غطاء جوي من قوات التحالف، وهي في غالبيتها طائرات أميركية، بالإضافة إلى وجود عناصر قيادية من القوات الأميركية في الميدان. وفي 12 آب/أغسطس 2016 سيطرت القوات الكردية على المدينة بعد هجوم استمر شهرين، حاولت بعدها تركيا الهجوم على منبج من أجل طرد القوات الكردية منها، ولكن واشنطن لعبت بورقة الكرد للضغط على تركيا وسط علاقات متوتّرة بين الطرفين. بينها الدور التركي في سوريا الذي ساهم في تعقيد الوضع الأميركي، بحيث أن واشنطن توقّفت عن استخدام قاعدة “أنجرليك” التركية، واستأنفت طلعاتها من البحر المتوسّط. تعتبر تركيا المجموعات الكردية في قوات سوريا الديموقراطية جزءاً من حزب العمال الكردستاني الذي تعتبره تركيا إرهابياً. وتهدف تركيا إلى منع إقامة دويلة كردية على حدودها ومنها الردع التفكير المماثل بالإشارة إلى كرد تركيا.

وتعتبر منبج اليوم بالنسبة الى وحدات حماية الشعب الكردية الشريان الاقتصادي لشمال سوريا إذ تنشط فيها الحركة التجارية ونقل البضائع إلى مناطق القامشلي والرقة والحسكة وشرق دير الزور. وعسكرياً، تعتبر منبج مدينة القواعد العسكرية حيث أنها تحوي على اكثر من قاعدة للتحالف الدولي وللأميركيين والفرنسيين، ومراكز دعم العمليات اللوجستية لقوات سوريا الديموقراطية. و يشار إلى أن الجيش السوري أعلن في وقت سابق دخول وحداته إلى منبج بعد وقت قصير من توجيه الوحدات الكردية دعوة إلى دمشق للانتشار في المنطقة لحمايتها من التهديدات التركية.

ولاشك أن العملية العسكرية التركية المُرتقبة في منبج وترقّب الجيش السوري لدخولها ستكون نقطة فاصلة في تاريخ التواجد التركي في شمال سوريا إما نحو الانسحاب أو نحو التمدّد والقيام بعمليات أخرى.

الميادين نت

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى