مؤشرات اقليمية تؤسس إلى الاعتقاد ببدء نتائج التفاهمات الكبرى بالظهور تباعاً (إنطوان الحايك)
إنطوان الحايك
مع غياب الحدث المحلي البارز، تابع المراقبون الوضع الاقليمي من خلال اشارتين تحملان الكثير من المدلولات، الأولى اشتداد المعارك "تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام"من جهة، وجبهة "النصرة" و"تجمع حماية الشعب الكردي" من جهة ثانية، فضلاً عن أنباء عن قصف دبابة تركية لموقع عسكري تابع لـ"داعش" داخل الأراضي السورية، والثانية الاعلان الأوروبي عن تقدم في المفاوضات الأممية – الإيرانية أدى بنتيجته إلى اعلان الخارجية الايرانية عن تبادل دبلوماسي مع بريطانيا في خلال اسبوعين عبر قائمين بالأعمال، ما يؤكد أن جبل الجليد الذي كان قائماً منذ عقود بين طهران والمجتمع الدولي بدأ بالذوبان بعد أن خضع لمفاعيل التسويات والصفقات التي تحكمت بمسارات المرحلة السابقة.
وفي وقت تتضارب فيه المعلومات حول مسار المعارك في أعزاز بشكل غير مسبوق، وهي تتراوح بين الحديث عن نجاح الأكراد في صد هجمات "داعش" وايقاع العديد منهم بين قتيل وجريح، برزت أنباء عن قصف دبابة تركية لمواقع عسكرية داخل الأراضي السورية بعد أن أكد الاعلام التركي تعزيز الجيش لمواقعه على الحدود مع سوريا بعد أن عمدت حكومة رجب طيب أردوغان إلى اقفال بعض المعابر التي كان يستخدمها المسلحون للتهريب ولتعزيز قدراتهم القتالية، في مشهد يكشف حاجة الحكومة التركية إلى الانخراط في لعبة التسوية تخفيفاً لخسائها المفترضة عشية انتخاباتها العامة في آذار المقبل.
بمعزل عن صحة المعلومات، فإن الوضع داخل الحكومة التركية يرجح صحة الأخبار، لا سيما أن مصلحتها تقضي بالتعامل الايجابي مع التفاهمات الجديدة، اكان لجهة ابعاد خطر الارهاب عن الداخل التركي أو محاربته ربطاً بالتفاهمات من جهة، وتأسيساً لجهود حل المشكلة الكردية من خلال كيان أو اقليم أو دولة تريح تركيا من جهة ثانية .
في الموازاة، توقف المراقبون عند الاجماع الأوروبي على التقدم الحاصل في المفاوضات بين مجموعة الدول الست وطهران، في ظل ما كشفته مصادر متابعة من معلومات متعلقة بمستقبل المفاوضات التي ستشهد جولة جديدة في غضون شهر في جنيف حول الملف النووي، الذي يسير بالتزامن مع تقدم في الانفتاح على واشنطن، وهو تقدم لا يمكن اختصاره بالمباحثات النووية بل يشمل مروحة واسعة من التفاهمات تشمل أيضاً العلاقات المستقبلية مع تركيا ودول الخليج العربي، فضلاً عن دور أساسي كشرطي للخليج وضابط ايقاع للشرق الأوسط.
وبدا أن التفاهم البريطاني الايراني لم يكن وليد ساعته على الاطلاق، إنما نتيجة لاتصالات سابقة وممتدة منذ آب الماضي، بحسب تأكيدات مصادر واسعة الاطلاع، تنقلت بين عواصم أوروبية محايدة وانتهت إلى اتفاق على عدد من البنود أبرزها العودة إلى طاولة المفاوضات تحت عنوان نسبة التخصيب المتعارف عليها للاستخدامات السلمية، وهذا ما تطلبه ايران من الأساس ويرفضه الغرب بناء على ضغط أميركي، يبدو أن مفاعيله انتهت مع اعادة رسم خريطة التوازنات الدولية بعد اللقاءات الأميركية الروسية التي تطرقت بعمقها إلى الملف الايراني وتفاصيله المملة، لا سيما أن الملف برعاية روسية انطلقت من محطة بوشهر، وامتدت إلى الطرود المركزية التي يعرف الغرب قدرتها على مدى التخصيب، ما يدفع إلى الاعتقاد أن لب الأزمة هو سياسي بامتياز وليس عملية دخول ايران إلى نادي النووي أو عدمه.