ما سبب سيطرة الفكر الاسلامي على حكومات الربيع العربي ؟؟
ما سبب سيطرة الفكر الاسلامي على حكومات الربيع العربي ؟؟
حناجر صرخت حرية … وتوحدت بشعارات الدولة المدنية و الديمقراطية .. وبنت مستقبلها على بناء وطن تكون فيه صانعة قرار وشريكة سلطة قائمة على قاعدة القانون والعدل والمساواة والمواطنة ..
أحلام جمعت ملايين الشباب الثوري في بلدان الربيع العربي ووقفت في وجه طغيان وقمع حكومات متآكلة من الفساد والمحسوبيات والرشوة .. وخرجت بصدورعارية وبلافتات مخطوطة باليد تطلب الحرية والعدالة والقانون فكان رد فعل الحكومات العربية والأجنبية متفاوتاً بين دولة وأخرى حسب مصالح الدول الغريبة التي دعمت حركات تحرر الشعوب العربي لتنجح الثورة في مصر وتونس واليمن وليبيا .. وليتم تغطيتها والتعتيم عليها في البحرين وتحويرها بشتى السبل في سوريا .. ولينبثق عنها شكل جديد من الحكومات القائمة على حكم الفكر الديني متمثلاً بالأخوان وتسلمهم السلطة والحكم
فهل كان هذا حلم الشباب في دول الربيع العربي أن ينتقلوا بعد كل هذه التضحيات من حكم الاستبداد والفرد والعائلة الى حكم الفكر الديني أم أن ما حصل ويحصل اليوم هو مخيّب لأمالهم ؟؟
أعتقد أن النسبة الأكبر من شباب التغيير لا ترحب بحكم ديني قائم على شكل جديد من الاقصاء بعيداً عن مفهوم المواطنة الضامن لدولة العدل والمساواة في دول متنوعة الأطياف والمذاهب والأديان .. رغم أن هناك نسبة لا تمانع ..
ولكن أي تنظيم و حزب سياسي يقوم على الفكر الديني من حيث طاعة المسؤول ،واتباع أوامر القيادة والعمل المنظم وفق قواعد وأهداف محددة موجهة لخدمة التنظيم و قياداته وأهدافه ، اضافة الى التمويل والدعم المالي الكبير الذي تتمتع به هذه التنظيمات والمقدمة من دول عديدة معروفة التوجه والاتجاه فيما يخص أجندات سياسية خاضعة لمصالحها وسياساتها الدولية أمر يفرض نفسه اليوم على الساحة العربية ، خاصة في ظل غياب الفكر اليساري الاشتراكي العلماني لعدة أسباب أولها :
أن هذا الفكر هو الذي أوصل الحكومات السابقة الساقطة الى الحكم ، فالشعب فقد ثقته بها من ناحية ومن ناحية أخرى غياب القيادات السياسية المحددة الأهداف والأليات للتيارات العلمانية الديمقراطية وكثرة الشقاقات والانشقاقات فيما بينها بسبب أن كلاً من مفكري وقيادي هذا الفكر، ومن منطلق الديمقراطية والحرية يعتبر نفسه محقاً وعلى البقية تبعيته .. فتضيع القيادة ويلتهي العلمانيون الديمقراطيون بخلافاتهم الشخصية وبرمون الاتهامات فيما بينهم .. مما يزيد الشرخ والانقسام بينهم ، فيحيدون عن هدفهم الأساسي وهو كسب الرأي العام ونشر الفكروالوعي الوطني .. مما يترك الساحة فارغة لأصحاب الفكر الديني بملؤها بالفكر والمال المتطرف وشراء أصوات الناس واسترضائهم .. وهذا ما حصل في الانتخابات النيابية المصرية كمثال ، ففي الوقت الذي كان فيه الشباب معتصماً في ساحة التحرير .. كان الأخوان يقومون بحملات لاسترضاء الشارع والتجهيز للمعركة الانتخابية النيابية .. واعلان مباركتهم وتأييدهم لكل اتفاقيات السلام وعقود المهادنة مع اسرائيل ..و لتكون سورية مثالاً أخر عن تغلغل الفكر والمال المتطرف اليوم، مستغلاً غياب الفكر السوري العلماني الذي نجح النظام في تغييبه من جهة ، والأخوان من جهة أخرى بالهائهم عن الأرض والثورة بدعايات العمالة والتخوين.. فأصبح كل منهم يرفض التعاون مع التيار الديمقراطي الاشتراكي الآخر بحجة عمالته للنظام ..حتى وصل الأمر ببعض رافعي شعار الديمقراطية والمدنية والحرية حد الخوف من التعبير عن رفضه لجبهة النصرة الممثلة بفكر القاعدة التكفيري التدميري بسبب خوفه من التخوين والعمالة .. لعبة اعلامية قذرة لتشويه الفكر والحراك الثوري وصبغه بصبغة طائفية … فرّق تسد .. والتي للأسف انساق اليها كثيرون فضاعت خيوط الثورة وشعارات الحرية والديمقراطية بين رشقات الرصاص وقصف الطائرات .. وعبارات التخوين ..
وبالتالي فان الفرق الواضح بالتنظيم والتمويل والدعم الاعلامي بين التنظيم الاسلامي والتنظيم الديمقراطي العلماني هو ما فتح المجال أمام الفكر الديني بالسيطرة على السلطة والحكم في بلدان الربيع العربي .. انها مرحلة صعود للاسلاميين وهذا حقهم في ظل غياب وتغييب الفكر العلماني الديمقراطي الحر … ولكن طالما نحن نسعى للحرية وللشراكة الحقيقية فلا بد لكل تيار أو فكر أن يأخذ فرصته وحقه بالحكم، وليكون الشعب هو صاحب القرار .. علها تكون فترة صحوة واعادة هيكلة وتنظيم لتيارات قادرة فعلاً على تحقيق شعارات المواطنة والعدالة الاجتماعية والحرية …. لتكون منافساً أقوى في المرحلة القادمة ولتمثل فعلاً شباب الربيع العربي الحر …..