ما هو الخلاص إذن ؟

ما أعلى أجراس الخطر التي تقرع ، و ما أقل الأذان التي تصغي و الهمم التي تعمل حقا للخلاص مما يهدد حياة البشر عموما !!

إن الفضاء الكوني ينذر بأن طبقة الأوزون التي تحمي الغلاف الجوي تخترقها الثقوب التي تتسع بإستمرار مؤذنة بيوم لا مفر منه تتحول فيه أشعة الشمس إلى وحوش تفترس جلودنا و أكبادنا و لا يحمينا منها حام …

و الخضرة التي تصفي لنا الأجواء الملوثة و تمنحنا الظل و تستدر المطر تفقد كل يوم عشرات الهيكتارات من الأشجار و الأعشاب و الأزهار التي تتراجع أمام الصحراء التي توشك أن تلتهم الأرض جمعاء.

و التقدم الصناعي يزداد دخانه و نفايات التي تستمم الهواء و تعجز الحلول عن إيقاف التلوث الطاغي على الماء و الهواء حتى أن أصوات علمية صادقة بدأت تتكاثر و هي تدعو إلى الحد من هذا التقدم.

و البشر ما يزالون يتصرفون كالحيوانات غير العاقلة و هم يتصارعون و يتقاتلون يأكلهم التعصب و الحقد و الجشع و الدول الكبرى تغدو كأسماك القرش الضخمة تأكل الأسماك الأخرى.

ماذا أعّد من أخطار حقيقية ، و من ندوات عالمية لإنقاذ الكوكب الذي نعيش فوقه و تقدم تقاريرها و لا تعمل الدول الكبرى أو الصغرى بها فما العمل؟!

يبدو لي و لكثيرين أن الحل لم يعد في المخابر الكيماوية أو الفيزيائية و لا في البحوث الطبية و السياسية .. يخيل إلي أن الحل كامن في عجزنا حتى الأن عن وضع القيم الأخلاقية في موضع الصدارة للحلول الأخرى ، و أن هذا المسعى ممكن من خلال تشكيل تجمع عالمي تدعمه الحكومات و أجهزة الإعلام و توضع قراراته موضع التنفيذ فور صدورها و هذا لا يعني الكف عن المتابعة العلمية و العمل السياسي و أن يرتبط كل هذا بمؤسسة أخلاقية عالمية قراراتها كقرارات مجلس الأمن المطلقة في توظيف العمل السياسي و البحث العلمي و توظيف إنجازاتهما بعيدا عن التعصب بكل أنواعه و مذاهبه.

قد يبدو هذا الكلام مثل غيره مجرد أمنيات رومانسية ضائعة مع الأماني الطيبة …و لكن قولوا لي ماذا يملك الإنسان فعلا سوى التأكيد على هذا السبيل الأخلاقي وصولا لخلاص يليق بأصحاب العقول المتميزين ككائنات مفكرة.. و ما أدرانا ألا يكون خلاص البشر هو خلاص للأرض نفسها ، و أن هذا السبيل للخلاص لابد أن يكون مقترنا بالعودة إلى المنابع الأخلاقية المشتركة بين الفلسفات و الأديان ، و العمل بها في البيت ، و المدرسة ، و النادي ، و المعمل و المؤسسات الأخرى و هل نملك إذ لم ندع إليها و نعمل بها سوى التعصب و الإقتتال و الأطماع ؟؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى