«مبادرة 2045»: هل ستحقّق التّكنولوجيا حلم الخلود؟
الذكاء الاصطناعي، واجهة الدماغ الحاسوبية، الروبوتات وتقنيات عديدة أخرى ستنقلنا إلى الخلود عام 2045؛ هذا ما تؤمن به «مبادرة 2045». والخلود هنا سيبراني أي أنّ الجسد الذي اعتدنا عليه سيموت إلّا أنّ أدمغتنا سنحمّلها إلى نوع جديد من الأجساد وبذلك يصبح الإنسان لا يموت. فما هي خطّة المبادرة لتحقيق هذا الحلم؟
لطالما كان الخلود حلم الإنسان. تحدثت حضارات العالم القديم كثيراً عن خلود الإنسان، وكذلك الأساطير عن ينبوع الشباب الأبدي. اليوم لا يزال الكثيرون يحلمون بتحقيق هذا الأمر، إنما هذه المرة لا ينابيع ولا مياه لكن تكنولوجيا متقدمة جداً ستمكننا من “نقل شخصية الفرد إلى “جسد” غير بيولوجي متطور وتمديد حياته وصولاً إلى نقطة الخلود”. هذا ليس فيلماً وليس خيالاً.
هذا واقع قد يراه البعض “جنوني” إنما هناك حركة في العالم تدعى “مبادرة 2045” (2045 initiative) تقول إنها تواجه خيارين: إمّا الوقوع في عصر مظلم جديد أو إيجاد نموذج جديد لتطور الإنسان بهدف خلق جنس بشري جديد، جنس بشري لا يموت، وقد اختارت هذه الحركة الخيار الثاني واضعةً خطة زمنية عن كيفية الوصول إلى نقطة الخلود وماهية التقنيات التي ستساهم في تحقيق هذا الهدف، وأعلن عدد من العلماء خططهم لخلق جسم بشري اصطناعي يتم التحكم به من خلال تقنية واجهة الدماغ الحاسوبية neural interface بحلول عام 2045. فهل سنصل إلى الخلود من خلال التكنولوجيا؟ هذه المبادرة تظن ذلك.
عام 2011 تأسست المبادرة على يد رائد الأعمال الروسي الملياردير ديمتري إتسكوف بمشاركة متخصصين روس في مجالات تقنية محددة مثل الواجهات العصبية (neural interfaces)، الروبوتات، الأعضاء الاصطناعية والأنظمة. حددت الحركة أهدافها الرئيسية بوضع استراتيجية جديدة لتطور البشرية من أجل مواجهة التحديات العالمية، تهيئة الظروف المثلى لتعزيز التنوير الروحي للإنسانية وتحقيق واقع مستقبلي جديد قائم على 5 مبادئ هي الروحانية العالية، الثقافة العالية، الأخلاق العالية، العلوم العالية والتكنولوجيات العالية.
من خلال مركز بحوث يضم أبرز العلماء، تعمل المبادرة على تحقيق تطور مهم في مجالات الروبوتات البشرية، نمذجة النظم الحية، ونمذجة الدماغ والوعي بهدف نقل الوعي الفردي إلى الناقل الاصطناعي أو الجسد الاصطناعي وتحقيق الخلود السيبراني.
قسّمت المبادرة الخط الزمني للوصول إلى الخلود إلى 4 مراحل تنتهي عام 2045، أي خلال 28 عاماً، يتم في كل مرحلة تطوير الـ Avatar وهو الجسد الاصطناعي الذي يسعى العلماء إلى خلقه… وفلسفياً تعني Avatar تجسيد الآلهة!
المرحلة الأولى بدأت بالفعل عام 2015 وتنتهي عام 2020، يتخللها ظهور واستخدام واسع النطاق للروبوتات الشبيهة بالإنسان المسيطر عليها من خلال واجهة الدماغ الحاسوبية وظهور تكنولوجيات تعطي الإنسان قدرات جديدة مثل القدرة على العمل في بيئات خطرة والسفر في الحالات القصوى. وقد تطورت تقنية واجهة الدماغ الحاسوبية كثيراً خلال السنوات الماضية وباتت متوفرة، إذ يمكن اليوم للعلماء أن يتحكموا بالروبوتات من خلال الدماغ البشري، حتى أن هذه التقنية دخلت مجال الألعاب.
في المرحلة الثانية التي تمتد من عام 2020 حتى 2025 سينتقل التطور إلى إمكانية نقل الدماغ البشري إلى جسد آخر “روبوتي”، إذ ستشهد هذه المرحلة إنشاء نظام مستقل لدعم حياة الدماغ البشري مرتبط بالروبوت، سينقذ الـ “أفاتار” أجساد الناس المنهكة والمتضررة وأي مريض بدماغ سليم سيكون قادراً على العودة الى الحياة من خلال زرع دماغه في جسد جديد. تقول المبادرة إن من شأن هذه التكنولوجيات أن توسع إلى حد كبير من إمكانية استخدام أجهزة بيولوجية إلكترونية، مما يخلق ثورة جديدة في تكنولوجيا المعلومات، وسيجعل من الممكن فرض جميع أنواع الأنظمة الإلكترونية والبيولوجية.
المرحلة الثالثة ستشهد ثورة حقيقية. تخيّل أن دماغك موجود على ذاكرة فلاش USB، وببساطة يمكن تحميله على أي “أفاتار”! يتوقع المسؤولون عن المبادرة إنشاء نموذج حاسوبي للدماغ والوعي البشري مع تطور لاحق لوسائل نقل الوعي الفردي بحيث يصبح بالإمكان تحميل الدماغ البشري الى الجسد الروبوتي، إذ سيصبح الدماغ “محوسباً”. هذه المرحلة ستعطي الإنسان الخلود السيبراني وستخلق ذكاء اصطناعياً ودياً ما يوسّع قدرات البشر على استعادة أو تعديل أدمغتهم عدة مرات.
عام 2045 ستشهد البشرية انتقالاً تطورياً بشكل كامل ليخلق لدينا نوع جديد يمتلك قدرات تفوق بكثير قدرات البشر العاديين. وعلاوة على ذلك، ستنشأ شروط مسبقة للتوسع الواسع النطاق في الفضاء الخارجي.
ليس إتسكوف الشخص الوحيد الذي يتطلع إلى “إنقاذ” الجنس البشري. كثيرون غيره يؤمنون بالفكرة وهناك مبادرات مشابهة مثل HUMAI وهي شركة ناشئة تعد الناس بالخلود من خلال الذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا النانو. قد ينظر البعض إلى هذه المبادرات على أنها ضرب من الجنون، في حين يراها البعض الآخر مستقبلاً قادماً لا محالة ويعملون على تحقيقه.
صحيفة الأخبار اللبنانية