متى نتعلم من مدرسة الزنبق ؟
وضعتُ حزمة من الزنبق في مزهرية، هي مجموعة من الأغصان، في رأس كل واحد منها بضع زهرات لم تتفتح بعد، كل زهرة تكبر قليلاً لتبدأ شيئاً فشيئاً بالتفتح مع مرور الأيام إلى أن اكتمل تفتحها، تتغذى كل هذه الأغصان على ماء المزهرية، تحيا على الضوء والهواء، وتنشر الرائحة العطرة في أرجاء المكان.
كنت لا أملّ من النظر إليها، لم يحدث خلال حياتها أن اعتدى غصن على آخر، أو أخذ من الماء أكثر من حاجته، لم يصرخ غصن بوجه زملائه، أو يسعى لزعامة أو استعباد أو تحكّم بغيره، لم يأخذ حيزاً أكثر من المساحة المتاحة له، هذا ليس بسبب أن هذه الأغصان قد تم القبض عليها واعتقالها ليصار إلى حبسها في مزهرية ضيقة العنق، بل لأنه لم يكن لها أي سلوك آخر في تربتها التي ولدت وترعرعت فيها!
لم تؤذ هذه الأغصان أحداً، لم تلوث البيئة، لم تتطاول سلوكياً على أحد، ولم يسع غصن لإقامة علاقة مع الجيران، أو التسبب بعاهة جسدية، أو طرد غصن من تربته، أو حجب الشمس أو الهواء أو الماء عن سواه.
ليت البشر يتعلمون من مدرسة الزنبق!