مجلس الأمن القوميّ: غليان الشارع الإسرائيليّ قد يؤدّي لعصيانٍ مدنيٍّ وفوضى أمنيّة وارتفاع نسبة المُواطنين الذين يُعالجون نفسانيًا واتهامات لحكومة نتنياهو بغسل الأدمغة للتضليل وإخفاء الحقيقة
في أعقاب إصرار وزارة الصحة الإسرائيليّة على سياسة الحجر والإغلاق، واعتبارها أكبر ضمان للحد من انتشار فيروس “كورونا” المستجد، حذر مجلس الأمن القوميّ، الذي يرأسه مائير بن شابات، من عصيان مدني يتمرد فيه المواطنون على تعليمات السلطات بالدولة العبريّة، ولاسيما في صفوف المتدينين اليهود، عُلاوةً على ذلك، كشفت صحيفة (هآرتس) العبريّة النقاب عن أنّ عدد الإسرائيليين الذين يتناولون أقراص لتهدئة الأعصاب وتخفيف الكآبة قد ارتفع بنسبٍ عاليةٍ وصلت في عددٍ من المناطق إلى سبعين بالمائة.
وقالت مصادر سياسية، إنّ هذا التحذير جاء قبل أسبوعين، خلال مداولات حول “كورونا”، ولكنْ تمّ نشره قبل يومين، في وقت اصطدمت فيه الشرطة مع المتدينين، ومع مجموعة من العائلات اليهودية الثكلى التي رفضت تعليمات الوزارة بالامتناع عن زيارة أضرحة أبنائها من قتلى الحروب. وشدّدّت الصحيفة العبريّة في سياق تقريرها على أنّه تبين أنّ المشاركين في مداولات مجلس الأمن القومي، وبينهم مندوبون عن الجيش الإسرائيلي والمخابرات والشرطة، تناولوا عدة سيناريوهات توقعت العصيان المدني وعدم الانضباط، بسبب شعور بالضائقة من الحجر والإغلاق.
وقد كشفت قيادة الجبهة الداخلية في الجيش عن نتائج استطلاع رأي أجرته بواسطة الإنترنت، قال فيه 88 في المائة من الذين استُطلعت آراؤهم إنّ أزمة “كورونا” أثَّرت على حياتهم بشكل كبير أوْ كبير جدًا، فيما قال 75 في المائة إنهم يخرجون من البيت إذا كانوا مرغمين على ذلك فقط، بينما قال 19 في المائة إنهم لا يخرجون من البيت إطلاقًا.
وتوقع أحد السيناريوهات أنْ تفقد السلطات السيطرة، جراء فقدان الثقة بالمؤسسة السياسية، وعدم تصديق المعطيات، وبسبب تفاقم الأزمة الاقتصادية، والنقص في السيولة النقدية. وقال مسؤولون إنّ هناك قلقًا من أنْ يبحث المتمردون عن “كبش فداء” يحمِّلونه مسؤولية هذه الأزمة، مثل المتدينين اليهود أو المواطنين العرب أو الأجانب. وقرر الباحثون في نهاية مداولاتهم التوصية برفع مستوى الوعي في المجتمع، وتجنيد آلاف الشبان والشابات من كافة الفئات السكانية للمستشفيات، ولتنفيذ مهمات أسمتها المصادر بالأمن المجتمعي، بتنظيم دوريات حراسة ليلية، وتزويد مواد غذائية للمسنين والمحتاجين، وتشكيل فرق طوارئ اجتماعية، وتنظيم حملات إرشادية لخفض الغليان بين الجمهور. ودعوا الشرطة إلى تغيير التعامل مع المواطنين تحت عنوان: “سلاح أقل ورأفة أكثر”، حسب تعبيرهم، وفي الوقت عينه دعوا وزارة الصحة إلى تخفيف إجراءات الإغلاق بشكل أكبر.
لكن وزارة الصحة تحفظت على البند الأخير، وقالت إن الإغلاق ثبت كأفضل وأنجع طريقة لمكافحة الفيروس. وفي جلسة عقدت أمس في ديوان رئيس الوزراء، أصرت على رفض فتح صالونات الحلاقة ومحلات الصرافة والمطاعم (التي تبيع بالإرساليات)، رغم أن رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، كان قد أعرب عن تأييده لهذه الخطوات. واتفق على إعادة البحث فيها.
وصادقت الحكومة، أمس أيضًا، على تقييد الحركة والتنقل في ساعات الليل خلال شهر رمضان، وفي يوم الاحتفال بقيام إسرائيل ويوم إحياء ذكرى الجنود القتلى (يصادفان 28 و29 من الشهر الجاري). وبحسب هذا القرار، سيتم إغلاق جميع المتاجر، باستثناء الصيدليات، في البلدات العربية ذات الأغلبية الإسلامية، بين الساعة السادسة مساء والثالثة فجراً، بدءًا من اليوم الخميس وحتى يوم 3 مايو (أيار) القادم. وسيكون بإمكان المتاجر إخراج إرساليات، ولكن ليس إلى خارج البلدة. كذلك تقرر أن تغلق الشرطة الشوارع المؤدية إلى المقابر العسكرية، مع تأكيد أنها لن تمنع ذوي الجنود القتلى من الدخول لزيارة الأضرحة.
ونقل على لسان نائب مدير عام وزارة الصحة الإسرائيلية، البروفسور إيتمار غروتو، القول إنّ الموجة الحالية لانتشار “كورونا” استنفدت نفسها على ما يبدو؛ لكنها لا تزال معنا على نار هادئة. وينبغي أنْ نتذكر أنه إذا أصيب بالعدوى 200 شخص يوميًا، فهذا أكثر من الانتشار في بداية الأزمة، وقد يشكل خطرًا بانتشار كبير جدًا، على حدّ تعبيره.
من ناحيته قال أمس المدير العّام الأسبق لوزارة الصحّة الإسرائيليّة، البروفيسور يورام لاس للقناة الـ11 بالتلفزيون العبريّ إنّ سياسة الحكومة في كلّ ما يتعلّق بمُواجهة الـ”كورونا” كانت خاطئةً جدًا، وأنّها قامت عمليًا بعملية غسيل دماغ للإسرائيليين دون تزويدهم بالمعلومات الصحيحة عن انتشار الفيروس، مؤكِّدًا في الوقت عينه أنّ هذه السياسة مناسبة لدولٍ ديكتاتوريةٍ وأنظمة حكمٍ شموليّةٍ، ومُضيفًا أنّ وصول عدد العاطلين عن العمل إلى مليون ومائة ألف سببه السياسة الخاطئة للحكومة، على حدّ تعبيره.
صحيفة رأي اليوم الألكترونية