محمد سلماوي يبحر إلى ‘ما وراء القمر’

صدرت أخيرًا عن الدار المصرية اللبنانية مجموعة قصصية جديدة للكاتب الكبير محمد سلماوي بعنوان “ما وراء القمر”، وهي أول عمل إبداعي يصدر له بعد تحرره من التزاماته الوظيفية، وتفرغه للكتابة.

وتتميز هذه المجموعة القصصية لمحمد سلماوي بأنها ليست مجموعة متناثرة من القصص جمعت فى كتاب، وإنما هناك وحدة موضوعية تجمع بينها، فموضوعها هو العلاقة بيننا وبين من رحلوا عن عالمنا، تلك العلاقة التى تؤكد أحداث القصص أنها قائمة، فها هو يوسف إدريس يقابل المؤلف في أسبانيا رغم رحيله منذ سنين، وها هي أمنية نجيب محفوظ تتحقق بعد وفاته، وها هي المطربة أسمهان تبعث برسالة للمؤلف من العالم الآخر.

في هذه المجموعة يجتاز محمد سلماوي حدودا جديدة في عالم الخيال ليأخذنا إلى عوالم غريبة تدور أحداثها ما بين القاهرة ومدريد ولندن وهامبورغ وغزة وطرابلس والسويداء والقدس وبيروت وجزيرة لمبدوزا الإيطالية.

أما أبطاله فهم نجيب محفوظ، ويوسف إدريس، وأسمهان، وشهداء ثورة ٢٥ يناير، وأطفال غزة، والأقباط الذين قامت داعش بذبحهم في ليبيا.

ويعتمد محمد سلماوي في كتابه الجديد على ما ورد في أحد أقدم الكتب التي عرفها الإنسان، وهو “كتاب الموتى” الذى يحوي خلاصة الفكر المصري القديم، فقد جاء في الكتاب أن الأموات حين يتركون عالمنا ينتقلون إلى ما وراء القمر، ومن هناك كثيرا ما يأتون لزيارتنا. من هذا المنطلق نسج محمد سلماوي قصص هذه المجموعة الفريدة من القصص التي يتنقل فيها ما بين الواقعية والفانتازيا والواقعية السحرية.

وينقسم الكتاب الى ثلاثة أجزاء يحتوي كل جزء منها على ثلاثة قصص. القسم الأول بعنوان “الكتاب لا يموتون” وأبطال قصصه الثلاثة هم الأديب الراحل يوسف ادريس والكاتب المصري المغترب وجيه غالي وأديب نوبل الكبير نجيب محفوظ.

أما الجزء الثاني فعنوانه “دماء البحر” وتدور قصصه الثلاثة حول أبطال تم اغتيالهم على الشاطئ. فالقصة الأولى تدور حول الشباب الذين يهاجرون بشكل غير شرعي عن طريق البحر، والثانية حول قصص فعلية لأطفال اغتالتهم قوات الاحتلال الاسرائيلي وهم يلعبون على شاطئ غزة، أما الثالثة فعن فجيعة المصريين الأقباط الذين اغتالتهم اليد السوداء لتنظيم داعش الإرهابى.

ثم يأتي الجزء الثالث، وعنوانه “رسائل ما بعد الرحيل”، ليقدم ثلاث قصص جديدة قام فيها الراحلون بالاتصال بالأحياء. أول هذه الاتصالات يأتي في شكل رسالة بعثت بها أسمهان الى الكاتب بعد رحيلها بسبعين عاما لتروي له قصتها المغايرة لما يتداول عنها، والثانية قصة حب رقيقة لزوجة لم تشأ أن تترك هذا العالم دون أن تودع زوجها. أما الأخيرة فهي قصة أحد شباب ثورة ٢٥ يناير الذي اتصل تليفونيا بوالدته بعد رحيله ليطمئن عليها كما كان يفعل قبل استشهاده.

إن مجموعة “ما وراء القمر” هي أول ما أبدعه قلم الأديب الكبير محمد سلماوي بعد أن قرر التفرغ للكتابة على أثر بلوغه السبعين، وهي إضافة متميزة لمكتبة المجموعات القصصية العربية. وقد زينتها رسوم الفنان السيريالي القدير ياسر رستم.

ميدل ايست أونلاين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى