فن و ثقافة

محمد قنوع يرحل في ذروة استكمال موهبته العصامية !!

لم يقبل الفنان النجم محمد قنوع أن يغادرنا قبل أن يترك بصمته الاخيرة في الأداء الدرامي العميق و اللافت . ومنذ أن أطل في شخصية (شومان) في مسلسل العربجي الذي بث في رمضان أطلق شحنته التمثيلية التي وقفت بين نجوم العمل الكبار لتعلن أن محمد قنوع يستطيع أن يجعل من شخصية ثانية أو ثالثة شخصية محورية. كما يقدر أن يستثمرها ليبرهن أن إبداع الأداء يرفع الشخصية الثانية لتكون معبرة عن نجومية في الأداء يضاهي ويجاور ويحاور نجوم العمل المتميزين.

‏في شخصية شومان استطاع محمد قنوع أن يقدم شخصية العربجي الاجير، او الشريرالمستخدم والطامع بالنساء والمقهور لأسياده البلطجية، والخاضع لزوجته. استطاع محمد أن يمزج كل هذه الصفات ليعكسها في أدائه بشكل مبهر وبوهج يجعلنا نتأثر بشره عندما يمارس الشر ويدفعنا للإحساس بخضوعه عندما يخضعه شريف. ونستشعر خيبته عندما تتهجم عليه زوجته وتوبخه، ونحس بمدى انكساره عندما تصده من أجبروها على الزواج منه. باختصار استطاع محمد أن يفصل شخصية شومان وأن يقدم في كل تفصيل من تفاصيلها أداء مقنعا مؤثراً دون أن يترك أي تفصيل يخرج عن وحدة الشخصية الجامعة لكل هذه التناقضات، وهذه أهم مهارة في الأداء التمثيلي..

‏كان وقوف شومان محمد قنوع بين نجوم لهم وهجهم الجماهيري و كفاءتهم التمثيلية جعله يبرز أداءه المتميز بين متميزين. من هنا استطاع أن يضاهي محمد كل نجم  وقف معه في مشهد من المشاهد. كما جعل من شخصيته الثانية عنصراً محركاً للدراما ومكمل للصراع بشكل حي مهما كان المرسوم لها محدوداً و مهما كان المتاح للنجوم الآخرين ممتداً أمامه محدوديته. و ما يحسب لمحمد انه استطاع تجاوز الحدود المرسومة والإشعاع بادائه ليؤثر فينا وليغني الدراما ويضيف للنجوم المتواجدين حوله امكانيات تبرز نجوميتهم، وهذا بحد ذاته عبقرية فطرية عفوية في أداء يثق بإمكانياته لدرجة تدفعه ليخدم إمكانيات الآخرين بإيمان عميق بأن الفن تكامل وتعاون وتفاعل.

‏من العمل في الإذاعة والمشاركة مع عائلته الفنية (ال قنوع) في المسرح إلى لوحات ياسر العظمة، إلى بقعة ضوء، إلى الأدوار المتممة، إلى دور الضابط، إلى الأدوار الشعبية الى  الى  الى  ألخ .. راكم محمد خبرته وطور موهبته بتواضع وجد واجتهاد مثابر حتى وصل إلى عفوية الأداء الدرامي، وهي العفويه المشحونة بعبقريه غير متكلفة وغير متباهية بل منخرطة في خدمة الدراما والتواصل مع المتلقى. إنها تجربة جد واجتهاد. شغل وتعب. مثابرة ومتابعة. مراقبة وتطوير. لذلك حصل محمد على (موهبة عصامية) بحق..
‏يبدو أن محمد قنوع أراد في العربجي أن يودعنا بأداء عبقري لافت جعله بحق يرحل وهو في ذروة تألقه وابداعه، وفي أعلى درجة من درجات موهبته العصامية…….. رحم الله محمد قنوع وحفظ له أعماله وما قدمه من موهبة وفن.

بوابة الشرق الأوسط الجديدة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى