مصرفيون :ارتفاع الجنيه يبدو تحرّكاً «مصطنعاً»

ارتفع الجنيه المصري بين 5 و15 قرشاً أمام الدولار أمس ليصل إلى ما بين 17.95 و18 جنيهاً للبيع، في أكبر تحرك للعملة خلال خمسة أشهر، بعد أيام قليلة من خفض الحكومة المصرية دعم الوقود في خطوة تنذر بمزيد من الضغوط التضخمية.

وقال مصرفيون إن ارتفاع الجنيه أمس بعد أشهر من الاستقرار النسبي يبدو «مصطنعاً»، وعزوه إلى الرغبة في تخفيف حال السخط لدى المواطنين بعد رفع أسعار المواد البترولية بما يصل إلى 100 في المئة الأسبوع الماضي. وكان الجنيه هوى بشكل حاد بعد تحرير سعر الصرف في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي ليصل إلى نحو 19 جنيهاً للدولار، قبل أن يبدأ في أواخر كانون الثاني (يناير) استعادة بعض عافيته ويسجل نحو 15.73 جنيه للدولار في بعض المصارف، ثم يستقر عند مستويات تراوح بين 18.05 و18.15 منذ آذار (مارس) وحتى نهاية الأسبوع الماضي. وقال المحلل الاقتصادي في «سي آي كابيتال» هاني فرحات: «بالتأكيد ما حدث اليوم (أمس) من ارتفاع للجنيه مقابل الدولار ليس صدفة بسبب زيادة التدفقات الدولارية بشكل كبير الشهر الماضي إلى جانب قرار رفع الفائدة، فلماذا الارتفاع اليوم؟». وأضاف: «في الوقت ذاته لا يمكن أن ننكر أن الاتجاه العام لسعر الصرف لا بد من أن يرتفع مقابل الدولار بسبب زيادة التدفقات الدولارية في المصارف وعدم وجود أي طلبات استيراد معلقة لدى المصارف، إلى جانب مشتريات الأجانب التي بلغت 10 بلايين دولار في أدوات الدين الحكومية خلال السنة المالية الماضية».

وكان محافظ البنك المركزي طارق عامر قال في أيار (مايو) الماضي إن الاقتصاد جذب نحو 54 بليون دولار في ستة أشهر بعد التعويم، لكن من دون أن يذكر تفاصيل. وقال نائب وزير المال للسياسات المالية أحمد كوجك في تصريح الى وكالة «رويترز» أول من أمس، إن «مصر جذبت استثمارات أجنبية بـ9.8 بليون دولار في أدوات الدين المحلية في السنة المالية 2016-2017، مقارنة بـ1.1 بليون في 2015-2016».

ودفعت زيادة التدفقات الدولارية لدى المصارف اقتصاديين إلى القول إن ارتفاع الجنيه «أمر طبيعي». وقالت المحللة الاقتصادية في «أرقام كابيتال» ريهام الدسوقي: «هذه نتيجة طبيعية جداً ومتوقعة لزيادة التدفقات الدولارية في المصارف، سواء من تحويلات المصريين في الخارج أو تنازل المصريين عن العملة الأجنبية، إلى جانب تراجع الاستيراد خلال الفترة الماضية، وارتفاع الجنيه قد يستمر إلى أن يصل 10 في المئة».

وزادت أن تحويلات المصريين في الخارج 11.1 في المئة إلى 9.3 بليون دولار منذ تشرين الثاني وحتى نهاية نيسان، في مقابل 8.3 بليون خلال الفترة ذاتها العام السابق، وذلك بحسب بيانات البنك المركزي.

وأكد مصرفيون ومستوردون أن ارتفاع الجنيه أمام الدولار يهدف إلى تهدئة الشارع المصري بعد حال الغضب والصدمة التي أعقبت رفع أسعار المواد البترولية. وقال مصرفي في أحد المصارف الخاصة لوكالة «رويترز»، طلب عدم نشر اسمه: «تضغط المصارف الكبيرة منذ ليل أول من أمس على الأسعار من أجل ارتفاع الجنيه، وهو ما حدث بالفعل. الأمر مصطنع ويهدف إلى تهدئة الناس وإظهار أن هناك شيئاً إيجابياً ضمن خطة الإصلاح الاقتصادي».

وقال مصرفي طلب عدم ذكر اسمه: «المعروض من الدولار أكثر من الطلب. ولا توجد أي تعليمات من البنك المركزي أو تدخل منه لرفع سعر الجنيه». ولكن مصرفياً ثالثاً في أحد المصارف الخاصة قال: «بعض المصارف يبيع الدولار بشكل مكثف في سوق بين المصارف من أجل رفع سعر الجنيه. ما يحدث غير طبيعي، وهناك توقعات باستمرار ارتفاع الجنيه حتى الربع الأول من العام المقبل وقبل إجراء الانتخابات الرئاسية». وتشهد مصر منتصف العام المقبل انتخابات رئاسية من المتوقع على نطاق واسع أن يترشح الرئيس عبد الفتاح السيسي فيها للفوز بفترة ثانية.

إلى ذلك تعافى الدولار قليلاً أمس، إذ ساعد ارتفاع العائد على السندات الحكومية الأميركية إلى أعلى مستوياته في 7 أسابيع، في وقف موجة خسائر بعد أسوأ أداء فصلي للعملة منذ العام 2010. وكانت إشارات على التحول إلى تشديد السياسة النقدية الأسبوع الماضي من مسؤولين في مصارف مركزية خارج الولايات المتحدة، قادت اليورو إلى الصعود فوق 1.14 دولار مسجلاً أعلى مستوياته في أكثر من سنة.

وفي جلسة يُنتظر أن تكون هادئة قبيل عطلة الرابع من تموز (يوليو) في الولايات المتحدة، ارتفع الدولار 0.2 في المئة أمام اليورو وسلة العملات التي تقيس متانة العملة الأميركية عموماً، كما زاد الدولار 0.4 في المئة إلى 112.82 ين. وحافظ الدولار الكندي على المكاسب التي قادته إلى الارتفاع فوق1.3 دولار كندي للدولار بدعم من زيادة المراهنات في السوق على رفع أسعار الفائدة من قبل بنك كندا المركزي الأسبوع المقبل. وتتجه الأنظار اليوم إلى مصرف أستراليا المركزي لاستقاء إشارات لانضمامه إلى مصارف مركزية كبرى في تشديد السياسة النقدية.

وتراجع الذهب مع عزوف المستثمرين عن أصول الملاذ الآمن في ظل استمرار الأسهم الآسيوية قرب أعلى مستوياتها في عامين، وصعود الدولار من أدنى مستوياته في 9 أشهر. وخسر سعره الفوري 0.4 في المئة مسجلاً 1235.91 دولار للأونصة، وانخفضت عقود الذهب الأميركية تسليم آب (أغسطس) 0.5 في المئة إلى 1235.90 دولار. وتراجع سعر الفضة 0.1 في المئة في التعاملات الفورية إلى 16.55 دولار، بينما ارتفع البلاديوم 0.5 في المئة إلى 845.30 دولار، وهبط البلاديوم 0.5 في المئة إلى 916.25 دولار.

صحيفة الحياة اللندنية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى